الحق في حماية الخصوصية
The Right of Privacy protection
نجم العيساوي
الحق في حماية الخصوصية
لقد أصبح حق
الخصوصية اليوم من أهم حقوق الانسان إن لم يكن أهمها على الاطلاق، وذلك لان
الخصوصية هي القيمة الاساسية التي تدعم وترتكز عليها الكرامة والتي يمكن إعتبارها
وبحق أعظم منحه منحها الله عز وجل للانسان والتي بدونها لا يمكن ان تستقيم حياته،
وعليه فلقد أصبح في إعتقادي أنه من المهم والضروري ان يضمن كل دستور هذا الحق لكل
انسان في الدولة. وعلى كل الشعوب والمجتمعات المتحضرة أن تُقدر ذلك وتُقدسه وأن
تعتبره من أقدس الحقوق الانسانية.
هناك شبه اجماع
انه من الصعب وضع تعريف جامع للحق في الحياة الخاصة أو الخصوصية لان تعريف هذا
الحق يرتبط في الحقيقة بمنظومة " التقاليد والثقافة والقيم الدينية السائدة
والنظام السياسي في كل مجتمع "
أما لجنة CALCUTT
في بريطانيا فقد قالت انها لم تتمكن من الوصول الى تعريف كافي ومرضي للخصوصية
لكنها رغم ذلك تبنت تعريفا قانونيا ضمنته تقريرها حول الخصوصية وهو (حق الافراد في
الحماية ضد التدخل في الحياة الخاصة وشؤونهم وشؤون عائلاتهم بوسائل مادية مباشرة
او عن طريق نشر المعلومات عنهم)([1])
.
مفهوم حماية الخصوصية:
ظهر مبدأ
الحق في الخصوصية في اواخر القرن التاسع عشر نتيجة ممارسات "الصحافة الصفراء Yellow
Journalism" حيث عمدت بعض الصحف الغربية الى
اقتحام حياة المشاهير والاغنياء، والعمل على ابتزازهم عن طريق نشر اسرار حياتهم،
وفضائحهم الاخلاقية([2]).
قد ادرك القانون
انه عند نقطة ما، هناك حق مؤكد لحماية خصوصية الافراد في مواجهة
الاقتحام الذي تقوم به وسائل الاعلام تحت حماية التعديل الاول من الدستور
الامريكي، وبزعم حق الناس في المعرفة([3]).
وفي عام 1890 كتب محاميان امريكيان Samual Warren and Louis Brandeis مقالا عن
حماية الخصوصية باعتبار الاعتداء عليها من قبيل الفعل الضار ووصف الخصوصية بأنها
الحق في ترك الشخص وحيدا، وقد انتشر هذا المفهوم في الولايات المتحدة الامريكية
كجزء من القانون العام . وفي العصر الحديث فان مفهوم الحق في الخصوصية ظهر في
الاعلان العالمي لحقوق الانسان في عام 1948 والذي كفل حماية الاماكن والاتصالات([4]).
ويشمل نطاق الحق في الحياة الخاصة أو (الخصوصية) في النظام
الأمريكي، حماية الأفراد من أربع صور رئيسية للاعتداء على الخصوصية:-
1- التدخل في
الحياة الخاصة للفرد ( حق الفرد في العزلة)
2- استخدام اسم
أو صفة الغير دون رضاه .
3- إفشاء أسرار
الحياة الخاصة للغير .
العناصر الاربعة لغزو الخصوصية
ان غزو الخصوصية لايعبر عن ضرر واحد،
وانما هو عبارة عن حزمة مكونة من اربعة اضرار، حيث يميز قانون الخصوصية بين اربعة
انواع من الغزو لاربعة اهتمامات من المدعين وتتجمع هذه العناصر لتشكل الاسم الشائع
"غزو الخصوصية":
أولا. الاقتحام المادي او التطفل:
Physical Intrusion
ثانيا. الكشف العام لأسرار خاصة: Disclosure of Embarrassing Private Fact
ثالثا. الضوء الزائف: False Light
رابعا. السطو أو الاستيلاء: Appropriation
العناصر الاربعة لغزو الخصوصية
أولا.
الاقتحام المادي او التطفل: Physical Intrusion
يقصد
به التطفل على الشؤون الخاصة للاخرين.
فاذا قبض
البوليس مثلا على شخص واقتاده الى الشارع، ثم قام احد الاشخاص بتصوير المتهم وعرض
الصورة في نشرة الاخبار المسائية، فان المصور في هذه الحالة يمكن ان يواجه تهمة اقتحام
الخصوصية ويعد استخدام الصور الفوتوغرافية ايضا لهذا الوضع اعتداءا على
الخصوصية([6]).
ثانيا. الكشف العام لأسرار خاصة: Disclosure of Embarrassing Private Fact
ويقصد
به اعلان بعض الحقائق المربكة لشخص ما على الملأ.
ومن امثلة
ذلك تصوير احد المرضى ونشر صورته في الصحيفة او التلفزيون بدون اذنه مما يسبب له
الاذى. او كشف اسرار ماض لامرأة اعتزلت حياة المجون فاصبحت عضوا مقبولا في المجتمع
مما يهدد حياتها الاجتماعية([7]).
ثالثا. الضوء الزائف:
False Light
يقصد
به النشر الذي يضع احد الاشخاص تحت ضوء زائف، وعرض الصور التي يمكن ان تسبب متاعب
من هذه النوعية.
وحدث ان عرضت
احدى محطات التلفزيون الامريكية فيلما اخباريا يصور القبض على احد الاشخاص
واقتياده، وقد كسب هذا الشخص مبلغ خمسة عشر الف دولار كتعويض من محطة التلفزيون
بعد ان حكمت المحكمة الدستورية العليا بان وسائل الاعلام ليس لها امتياز او حق
تعمد تقديم الحقائق المشينة لأحد المواطنين بدون قيمة اخبارية.
رابعا. السطو أو الاستيلاء: Appropriation
الجانب الاخلاقي في حماية الخصوصية:
أولا. يهتم القانون الامريكي بحماية
خصوصية الافراد العاديين، ولاتتوافر هذه الحماية للمسؤولين الرسميين والشخصيات
العامة. ففي السنوات الاخيرة اعطت المحاكم لوسائل الاعلام سلطات كبيرة في التعرض
للحياة الخاصة للشخصيات العامة.
ففي قضية "New York Times V.Sullivan" عام 1964 اقرت المحكمة الدستورية العليا انه لو كانت
المعلومات التي قدمتها وسائل الاعلام زائفة، فانها تخضع لحماية القانون ما لم يثبت
ان بها "خزي حقيقي" Actual Malice.([9])
ثانيا. هناك حماية
خاصة لوسائل الاعلام ضد قانون غزو الخصوصية، وذلك اذا اثبتت هذه الوسائل ان ماتقدمه
له قيمة اخبارية. ومن امثلة ذلك ان يكون الخبر منشورا في اكثر من جريدة او مجلة([10]).
ثالثا. هناك جهود قانونية تلتمس تحديد
العلاقة بين الفرد والمجتمع. وقد ركزت النظرية الديمقراطية السياسية منذ القرن
السادس عشر على حرية الفرد، ثم تحولت بمرور الوقت من التاكيد على الحرية الفردية
الى التاكيد على الحرية الجماعية في القرن العشرين. لكن جون ستيوارت ميل اصر على
ان كل فرد يجب ان يكون حرا في تحديد واختيار مايفيده ويحقق مصالحه([11]).
حماية الخصوصية في التشريعات العربية:
تنص معظم التشريعات الاعلامية في
الاقطار العربية على حماية مبدأ "الحق في الخصوصية"، ويعد استخدام اسم
الفرد او صورته في اعلان تجاري بدون اذن منه انتهاكا للخصوصية، واذا كان مانشر عن
الحياة الضخصية صحيحا وليس فيه مايخدش الاعتبار فإن نشره – وان كان مباحا قانونا-
قد تقتضي اداب الصحافة التي تنظمها مواثيق الشرف الاخلاقية عدم نشره طالما ان فيه
مايمس الحياة الخاصة للمواطنين.
وقد يتوقف هذا الحق في الخصوصية اذا
ماتعارض مع ماتقتضيه حماية مصالح المجتمع، فالنشر او عدمه هنا يجب ان يكون مبنياً
على موازنة أمينة بين المصالح التي يحققها النشر، والمصالح التي قد يضر بها([12]).
تنص المادة 79 من قانون المطبوعات
والنشر بدولة الامارات العربية المتحدة على ما يلي:
"لايجوز نشر الاخبار او الصور
العائلية للافراد ولو كانت صحيحة اذا كان من شأن نشرها الاساءة الى من تناوله
النشر، كما يحظر نشر مايتضمن افشاء سر من شأنه ان يضر بسمعة شخص او بثروته او
باسمه التجاري او نشر امر يقصد منه تهديده او ارغامه على دفع مال او تقديم منفعة
للغير او حرمانه من حرية العمل([13]).
اخلاقيات الممارسة المهنية:
تتنوع الاراء والممارسات فيما يتعلق
بالخط الفاصل بين الخبر العام والحقيقة الخاصة، فالدور الذي يقوم به الصحفي في
محاولة الامساك بموظف حكومي متلبس بتقاضي الرشوة يعتبر من جانب البعض ممارسة صحفية
ممتازة، في حين ينظر اليه البعض الاخر باعتباره عملا غير اخلاقي، وفي حالات كثيرة
يحدث الصراع لدى الاعلامي بين تقديم العمل الاعلامي الجيد وبين اتباع غير اخلاقية،
فحين يعرف الصحفي ان هناك مسؤولا حكوميا او شخصية عامة تتعاطى الخمور او المخدرات،
هل يحق له ان ينشر ذلك ام لا؟ فواجب وضع الشخصيات العامة تحت المراقبة يحتم النشر،
في حين ان واجب اعتبار ذلك من الامور الخاصة التي لاتهم الراي العام يحتم عدم
النشر([14]).
الخلاصة:
تنص العديد من التشريعات الاعلامية
وقرارات المحاكم على ضرورة حماية مبدا الحق في الخصوصية ويعني ذلك ان لكل شخص الحق
في حماية اسرار اسرته وحياته الخصوصية من النشر والتداول والتشهير، ويتعارض هذا مع
مبدا " الحق في المعرفة" الذي تنادي به وسائل الاعلام في السنوات
الاخيرة ايضا.
ويستمد مبدا "الحق في
الخصوصية" اصوله القانونية من مقالة "لويس برانديس" و"صمويل
وارين" عام 1890، ويهتم القانون العرفي للخصوصية بالضرر الذي يمكن ان يتحقق
للافراد نتيجة اقتحام وسائل الاعلام لحياتهم الخاصة.
ويعبر قانون الخصوصية عن حزمة اضرار
لاربعة اهتمامات هي العناصر الاربعة الشائعة باسم غزو الخصوصية وهي:
أولا. الاقتحام المادي او التطفل:
Physical Intrusion
ثانيا. الكشف العام لأسرار خاصة: Disclosure of Embarrassing Private Fact
ثالثا. الضوء الزائف: False Light
رابعا. السطو أو الاستيلاء: Appropriation
كما تم التركيز على ضرورة مراعاة
الجوانب الاخلاقية من جانب الاعلاميين عند تغطية الاخبار التي تحقق التوازن بين
حماية الفرد ومصلحة المجتمع.
([5])
ومن التطبيقات
القضائية لمظاهر الحق في الخصوصية في القضاء الأمريكي ما قضت به المحاكم الأمريكية
من توافر الاعتداء على الخصوصية في حالة قيام المؤجر بوضع أجهزة تسجيل في حجرة نوم
المستأجرين، وبتوافر الاعتداء على الخصوصية لمجرد دخول صحفي حجرة مريضة وتصويرها
دون إذنها، وقضت كذلك بمسؤولية تاجر كان يلاحق مدينه عن طريق التدخل بقصد معرفة
مركزه المالي، واعتبر القضاء تفتيش حقيبة سيدة دون مسوغ مشروع اعتداء على الخصوصية
. انظر الدول التي تضمنت دساتيرها نصوصا تتعلق بالخصوصية ضمن قائمة التشريعات فيما
ياتي من هذا الفصل، وانظر النصوص التي وردت في هذه الدساتير في العديد من مواقع
القانون على الانترنت التي تتضمن دساتير العالم ومنها:- http://www.uni-wuerzburg.de/law/index.html وكذلك موقع الخصوصية العالمي المشار اليه
فيما تقدم:- www.internationalprivacy.org، ص 23 وما بعدها .
No comments:
Post a Comment