Friday, March 27, 2020

النشاط الثقافي في زمن كورونا


النشاط الثقافي في زمن كورونا
نجم العيسـاوي

في ظل الظروف الراهنة التي يشهدها العالم من تفشي فايروس كورونا المستجد Covid-19 يتبادر إلى الذهن تساؤلات جوهرية حول دور المثقف العربي في نشر الوعي المجتمعي، وكيف له أن يستثمر الأدوات المتاحة لديه في إيصال رسالته الثقافية للمجتمع؟

في البدء لابد من الإشارة إلى أن الأزمة التي يعيشها العالم اليوم أظهرت إلى حد ما جانباً من المستوى الثقافي لدى أفراد المجتمع، وتبين أنه على الرغم من وجود مستوى جيد لدي العديد من أفراده، إلا أنه على الجانب الآخر ظهر أن هناك ضعفاً واضحاً في المستوى الثقافي الجمعي، وقد تمثل هذا الضعف بأسلوب التعامل مع هذا الوباء من تجاهل ولا مبالاة وسخرية، وهذه كلها فاقمت من الأزمة وجعلت الناس يعيشون خطراً فادحاً، وكارثة وشيكة، ونسال الله لطفه وعفوه وعافيته للجميع.

هنا يبرز دور المثقف العربي في استثمار وسائل الإعلام المتاحة له، تقليدية أو رقمية، من خلال تحريه عن المعلومة الدقيقة ونشر ما يصح من توجيهات ونصائح وكل ما لديه صلة بوعي المجتمع، خاصة فيما يتعلق بالازمة الحالية، ويركز في كتاباته على بث الأمل، والإصرار على الحياة، والتفاؤل، ومكافحة الجهل بالعلم، والخرافة بالحقيقة، مستنيراً بفكره المتقد، وبمصادره الموضوعية الدقيقة، والرجوع إلى أهل العلم المتخصصين كل حسب اختصاصه، فينقل منهم ويتحرى الحقيقة الكاملة، ليستزيد منه الناس علماً وفهماً، ويتجنب الخوض في اتجاهات الناس الفكرية والسياسية، ويحرص على جمع الكلمة، ووحدة الصف، ومحبة الوطن، وتوطيد علاقة الانسان بأخيه الإنسان.

وفي مثل هذه الظروف ينبغي لكل مثقف أن يركز على تعزيز المواطنة وقيم التعاون والتكافل بين الناس، لأن صعوبة الظرف تحتم على الناس وحدة القلوب ولين اليد، ومحبة الجميع. ويؤكد للناس أن هذه الأمور تأتي مثل محطة اختبار تفرز فيها الصفات والقيم، والناجح فيها من يفلح في خير واتباع سبيل الراشدين، والكرماء وأصحاب الغيرة.

من الأمور الجوهرية التي ينبغي للمثقف العربي أن يكون حاضراً فيها، هي مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية ليكون فاعلاً إيجابياً فيها، حتى لا يبقى هذا الفضاء لأصحاب الخرافة وأنصاف العلماء، والمراهقين، الذين ينقلون الخبر دون دراية أو علم، ولا فهم، فيقعون ويوقعون الاخرين معهم في حبائل الجهل واليأس، وهذا قد يتسبب في تعزيز الخوف، واتباع طرق غير علمية في التعامل مع الأزمة أو غيرها.

إن حاجة الأمة اليوم – في ظل توقف معظم الاعمال اليومية- إلى العقول النيرة التي يسترشد بها الناس، وإلى الكلمة الطيبة التي تداوي جراحهم، وتؤنس وحشتهم، وتملأ عليعم غربتهم، وتحثهم على فعل الخيرات، والتطلع إلى المعالي وأن نترك القاع نحو القمم، فالكسل الطويل أورثنا ضعفاً لم نستطع معه حتى التفكير بكيفية الخروج من الأزمة، وصرنا نترقب الخبر السار من غيرنا، وكأن غيرنا ليس مثلنا.

اليوم على المثقف أن يعود بقوة إلى فضاء القلم النظيف، والكلمة الحرة، والنصيحة الواعية، ليكون خير معين لامته ووطنه في محنته وأزمته، حتى تنجلي الأمور وتزهر الحياة من جديد.