Friday, July 22, 2016

التنظيم المهني ومواثيق الشرف الاعلامية- من كتاب أخلاقيات الإعلام للدكتور سليمان صالح


التنظيم المهني ومواثيق الشرف الاعلامية

من كتاب اخلاقيات الاعلام للدكتور سليمان صالح



إعداد وترتيب

نجم العيساوي

التنظيم المهني ومواثيق الشرف الاعلامية

س1: هل يمكن ان يكون العمل في الصحافة ووسائل الاعلام مهنة؟ ناقش الاراء الغربية في هذا الموضوع من خلال استعراض وجهات النظر فيه.



الرؤية الاولى:  وهي ترفض بشكل قاطع تطبيق مفهوم المهنة على الصحافة والاعلام ويتبنى هذه الرؤية الكثير من الهيئات الديمقراطية والاكاديميين..لماذا؟.. يستند اصحاب هذه الرؤية في رفض مفهوم المهنية بالنسبة للصحفيين  على مايلي:



1- ان الصحفيين هم وكلاء الديمقراطية العامة agents of democracy  وانهم هم الذين يوفرون المعلومات للجمهور وانهم حراس المصلحة وعلى ذالك فإن الصحافة لا يمكن ان تكون مجرد مهنة شأنها في ذلك شأن المهن الاخرى.



2- إن الإعلام يقوم على نقل المعلومات  الى الجماهير واتاحة كل الفرص للتعبير الحر عن الرأي والمناقشة الحرة للقضايا والمشكلات المجتمعية ولذلك فقد وعد المجتمع الصحافة بالحرية في مقابل ان تقوم بهذه الوظيفة وعلى ذلك فإن مفهوم المهنية بما يفرضه من قيود على دخول الممارسين لهذه المهنة يقيد حرية التعبير عن الرأي من ناحية ويقلل من   Professionalism قدرة الصحافة على القيام بوظيفتها المجتمعية من ناحية اخرى.



3- اننا نعيش في مجتمع يتسم بالتعددية والصحافة لابد ان تتسم بالتنوع وتعبر عن تنوع المجتمع ومفهوم المهنية بما يتطلبه من فرض معايير يقلل من تنوع.



4 – المهنة هية وظيفة تحتاج الى اجازة للعمل بها مثل اشتراط درجة علمية  او اعتراف من المجتمع وذلك نوعا من الترخيص للعمل في الصحافة وهوة مايتعارض مع الديمقراطية وحرية الرأي وتجد هذه الرؤية الكثير من الادلة على صحتها خاصة في الدول التي اخذت بفكرة التنظيم المهني الواحد واشتراط عضوية هذا التنظيم لممارسة المهنة وهوة ماعرف بفكرة  " closed shop " المتجر المغلق

وفي الولايات المتحدة الامريكية هناك الكثير ممن يعارضون هذه الفكرة وعلى رأسهم جون ميريل – حيث يرون ان مفهوم المهنية يتعارض مع التعديل الاول للدستور الامريكي وان تحول الصحافة الى مهنة يحمل اخطارا كبيرة من اهمها التقليل من فرص التعبير الحر عن الرأي.

ولاشك ان هذه الرؤية تجد الكثير من الشواهد على صحتها من ممارسة بعض التنظيمات المهنية ومتطلباتها الدائمة بإغلاق المهنة على اعضائها.

5- عندما يتحول مجال معين الي مهنة تتغير شخصيته حيث يصبح اكثر نخبوية واقل انفتاحا على الافكار الجديدة ذلك ان اعضاء هذه المهنة يقومون بتوصيف انفسهم طبقا لمجموعة من المعايير وبالتالي يشعرون بالتميز والرغبة في المحافظة على الاوضاع القائمة التي توفر لهم الامتيازات.



6 – يرى ميريل ان تحول الصحافة الي مهنة يعني مجرد اجبار الصحفيين على الانظمام الى منظمة لها احكامها الداخلية ولها معايير للسلوك وان ذلك ناتج من رغبة الصحفيين في الانتماء الى السلطة هرمية وهذا يشكل مشروعية لإعطاء تراخيص للصحفين  لممارسة المهنة وانه لايجوز للصحفي ممارسة المهنة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك.



7- ان الرغبة في تحويل الصحافة الى مهنة ينبع من الرغبة في الحصول على النفوذ Prestige الذي ينتج عن الانتماء الى مهنة معينة، وذلك يؤدي الى مايطلق عليه الأيديولوجية  الوظيفية وهي تفرض مجموعة من الشروط التي يجب ان يكيف الصحفي نفسه معا.



8 – ان الانتماء الي مهنة يفرض القبول بإمكانية توقيع الجزاءات والعقوبات على اعضاء هذه المهنة من خلال التنظيم المهني وهذا يثير قلق المؤسسات والاعلامية التي ترى ان التنظيمات المهنية تفرض شروطا تتناقض في بعض  الاحيان مع متطلبات العمل الصحفي.

9 – إن مفهوم المهنية تطور نتيجة لتطور ظاهرة التركيز والاحتكار حيث رأى الصحفيون في هذه الظاهرة تهديداً لمستقبلهم وحريتهم وحقهم في العمل لكنهم بدلاً من أن يقاوموا هذه الظاهرة  ويكافحوا من اجل ضمان التعددية والتنوع في وسائل الإعلام ويبحثوا عن افكار جديدة تؤكد حق المجتمع في ضمان التنوع الإعلامي مثل تجمع مجموعات الصحفيين في اشكال تعاونية لإصدار صحف جديدة او انشاء وسائل اعلامية جديدة... الخ، وتقلل من اهمية الصحافة ودورها في المجتمع مثل إغلاق المهنة على اعضاء تنظيم معين.


وعلى ذلك فإالرؤية التي ترفض مفهوم المهنية وأن الصحافة مهنة تقدم أدلة قوية على صحة رؤيتها.



أما الرؤية الثانية : فهي تقوم على ان الصحافة هي بالفعل مهنة ويجب ان تكون كذلك لماذا ؟

1 – ان حق المواطن في الحصول على المعلومات هو حق دستوري وقانوني... لكن أين هو هذا المواطن الذي يمكن ان يقوم بنفسه بالبحث عن المعلومات  ؟ إنه من الصعب أن يمارس الموطن بنفسه وبشكل دائم حقه في البحث عن معلومات والاطلاع على الوثائق والسجلات الحكومية، لذلك فهو يحتاج الى من يقوم نيابة عنه بالحصول على هذه المعلومات، ولاشك أن وسائل الإعلام هي التي تمد الجماهير بشكل دائم بالمعرفة ومن هنا فإن الصحفي يعتبر ممثلا للجماهير في تحقيق حقها في المعرفة، حيث يقوم بالبحث عن هذه المعلومات، وتقصي الحقائق، وتقديمها للجمهور من خلال النشر في صحيفته أو أية وسيلة إعلامية أخرى.

ولذلك فإن حق المواطنين في الحصول على المعلومات يظل حقاً غير قابل للاستمتاع به إذا لم يكن هناك صحفيون مؤهلون يقومون بتغطية الأحداث، والحصول على المعلومات لنشرها أو إذاعتها عبر الوسائل الإعلامية، وبالتالي يتمتع المواطنون بحقهم في الحصول على المعلومات.



2– إن الموارد الإعلامية مهما تضاعفت نتيجة التطورات التقنية في مجال الاتصال والإعلام وثورة المعلومات لايمكن ان تفي بحاجة جميع المواطنين للحصول على معلومات، والتعبير الحر عن الرأي، وإدارة المناقشة الحرة، وعلى ذلك فإن ندرة الموارد الإعلامية تفرض على المجتمع ان يقوم صحفيون يمتلكون مؤهلات وقدرات ومهارات معينة بتلبية حاجة المجتمع للمعلومات، وانه كلما زادت قدراتهم ومؤهلاتهم على القيام بهذا العمل زادت إمكانيات تمتع المواطنين بحقهم في المعرفة، وزادت قدرة المجتمع على إدارة الحوار والماقشة الحرة، وبذلك تتحق حرية الرأي والتعبير.

3 – إن ذلك يفرض ضرورة حصول الصحفيين على مؤهلات معينة للممارست المهنة مثل التعليم والتدريب، وأن ذلك يتم لصالح المجتمع، حيث انه كلما زادت المؤهلات العلمية والتدريبية للصحفيين زادت قدراتهم ومهاراتهم في الحصول على المعلومات، وتغطية الاحداث وإدارة المناقشة الحرة.



4 – إن التنظيم المهني أداة مهمة لتحقيق التنظيم الذاتي الاختياري لمهنة الصحافة، وبالتالي يصبح أداة لتحقيق المسؤولية والاجتماعية للإعلام، من خلال إلزام اعضائه بالقيام بوظيفتهم ودورهم في المجتمع.

من الواضح أن هذه المبررات التي يقدمها المؤيدون لتوصيف العمل في الصحافة و الإعلام بأنه مهنة هي ايضاً مبررات معقولة، وتستند على قراءة صحيحة للواقع.

ومن الواضح ايضاً ان هذه الرؤية قد حظيت بموافقة مهنية منذ أواخر القرن التاسع عشر، وتحديداً في عام 1884 حين انشئت في بريطانيا رابطة الصحفيين ioj،  ثم نشأ بعد ذلك الاتحاد القومي للصحفين في بريطانيا عام 1907 م.

ولذلك فإن المشكلة لم تكن في فكرة التنظيم المهني، أو تكوين روابط مهنية، ولكن الذي أثار رفض الهيئات الديمقراطية هو مطالبة بعض التنظيمات المهنية بإغلاق المهنة على اعضائها، حيث بدأ الاتحاد القومي للصحفيين في بريطانيا في المطالبة بإغلاق مهنة الصحافة على اعضائه منذ عام 1920 وقد عرفت هذه الفكرة منذ ذلك الوقت بفكرة المتجر او الدكان المغلق closed shop لكن الاتحاد القومي للصحفيين لم يجد أحداً يستمع له نتيجة للوعي بخطورة هذه الفكرة على حرية الصحافة وتناقضها مع الديمقراطية.

ثم عادت هذه الفكرة مرة أخرى للظهور عام 1965، حيث بدأ هذا الاتحاد يطالب بحظر استخدام أو توظيف أي صحفي متخرج حديثاً من الجامعة قبل أن يعمل لمدة ثلاث سنوات على الأقل فى إحدى الصحف الإقليمية، ثم زاد الاتحاد من مطالبة حيث أعلن بوضوح مطالبة بحظر نشر أية مساهمات من غير أعضاء الاتحاد في الصحف، وهو مايتناقض مع مبدأ الاستقلال التحريري للصحف.

وفي عام 1973 نظم الاتحاد القومي للصحفيين إضراباً مطالباً بإغلاق مهنة الصحافة  على أعضائه، واصدر ما أطلق عليه الميثاق السلبي الذي نص في أحد بنوده على أن أعضاء الاتحاد لن يتعاونوا مع غير اعضائه.

وقد تبني حزب العمال البريطاني في حملته الانتخابية عام 1974 مطالبة الاتحادات العمالية بإغلاق المهن على أعضائها، وكان من بين ذلك إغلاق مهنة الصحافة على أعضاء الاتحاد القومي للصحفيين، وبعد أن نجح حزب العمال في تشكيل الحكومة عام 1974، قامت الحكومة بتقديم مشروع قانون يتضمن نصاً بإغلاق مهنة الصحافة على أعضاء الاتحاد القومي للصحفيين، وحدث صراع طويل بين اعضاء البرلمان مما أضطر الحكومة إالى سحب مشروع القانون.

ويلاحظ أن هذه الفكرة قد لقيت معارضة واسعة من الكثير من الهيئات الديمقراطية المهتمة بالحريات وحقوق الإنسان، كما عارضها المعهد الدولي للصحفيين، واعتبرها تهديد خطيراً لحرية الصحافة.

وقد ظل الاتحاد القومي للصحفيين في بريطانيا يصر على تنفيذ هذه الفكرة حيث قام بدعوة أعضائه وعددهم 30 ألف صحفي للإضراب لمدة 24 ساعة عام 1977، ثم قام بإضراب ثان في يونيو 1977 في صحف ويستمنستر  برس.

لكن حكومة المحافظين حسمت هذه المشكلة عام 1979 حيث قامت بتعديل قانون الاتحادات العمالية وعلاقات العمل لينص على حرية العامل في الانتماء إلى أي اتحاد يختاره، وحظر طرد أي عامل من مهنته بسبب عدم انتمائه إلى اتحاد معين.

وقد أوضحت المناقشة حول هذه القضية أن تعدد التنظيمات المهنية، وتنوع أهدافها، ووسائل عملها ، يشكل ضمانة مهمة لحقوق الصحفيين، فهذا التعدد يساهم في تحقيق التنافس بينها على الدفاع عن حقوق الصحفيين وحمايتهم، كما أن حرية الانظمام إلى أي تنظيم مهني أو الخروج منه يحمى ضمير الصحفي، ويحول دون تحول التنظيمات المهنية ذاتها إلى أداة للضغط على ضمائر الصحفيين وموافقهم أو إجبارهم على سلوك معين. كما إن حرية الانضمام إلى التنظيمات المهنية يشكل حقاً عاماً للصحفيين.

أما الدول العربية والكثير من الدول الجنوب فإنها أخذت بفكرة وجود تنظيم واحد يعبر عن الصحفيين ويمثلهم، وذلك عن طريق قوانين فرضتها السلطة، ويعتبر قانون نقابة الصحفيين في مصر حالة شاهد على واقع التنظيم المهني للصحفيين في الوطن العربي.

وقد تم  فرض فكرة إغلاق مهنة الصحافة على أعضاء نقابة الصحفيين في مصر بواسطة القانون ولم يكن ذلك نتيجة للصراع بين الصحفيين وملاك الصحف، أو حتى نتيجة لكفاح الحفيين، ولكن السلطة هي التي فرضت هذه الفكرة لأهداف أخرى ليس من بينها حماية حقوق الصحفيين.

وقد بدأ فرض هذه الفكرة في مصر في قانون نقابة الصحفيين رقم 185 لسنة 1955، ثم جاء قانون نقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970 ليمضي على النهج نفسه حيث حظرت المادة 65 من هذا القانون على أي فرد أن يعمل بالصحافة ما لم يكن اسمه مقيدا في جدول النقابة.

وعلى ذلك فإن هذه الفكرة غير الديمقراطية، والتي تبنتها بعض وتحول الصحافة إلى مهنة على اساس أن اغلاق المهنة على أعضاء تنظيم مهني يؤدي إلى تقييد حرية الصحافة، واجبار الصحفي على الحصول على ترخيص بمزاولة المهنة.

ومن هنا فإن تخلي التنظيمات المهنية عن هذه الفكرة يمكن أن يساهم في التوصل إلى حد كبير في حل لمشكلة علاقة الصحفيين بالمجتمع " كما يمكن أن يساهم في حل مايطلق عليه " أزمة الذاتية identity crisis  بالنسبة للصحافة والتي أصبحت تعاني مثل الكثير من المؤسسات من هذه الازمة.

يضاف إلى ذلك التنظيمات المهنية تحتاج إلى إعادة صياغة ودورها ووظيفتها بالنسبة للصحفيين، وللمجتمع كله. فلكي تحصل هذه التنظيمات المهنية وعلى قبول اجتماعي عام فإنها لابد أن تساهم في ربط الصحافة بالمجتمع، وفي هذه الحالة فإن مبدأ المهنية يمكن أن يتحول إلى وظيفة لها خصائص معينة هي:

1- إن مبدأ المهنية لابد أن يبنى على نظرية تنظيمية، وبحيث يكون التعليم والتدريب هوة البداية الحقيقية للدخول إلى عالم المهنة، ودون الحاجة إلى شروط أخرى، ودون أية محاولة لفرض احتكار العمل الصحفي.

2 – إن الخدمات التي يقدمها المهنيون للمجتمع وللأنفراد لابد أن تبنى على أساس المصلحة الغامة، وهو مايمكن أن يؤدي إلى تصور جديد للعلاقة بين الصحفيين كمهنيين من ناحية والمجتمع من ناحية أخرى.


3 – انه لابد من وجود ميثاق أخلاقي يعبر عن الضمير الأخلاقي للمهنيين، وتساهم التنظيمات المهنية في زيادة التزام الصحفيين بما يتضمنه الميثاق من مبادئ اخلاقية.

س2: علل القول الاتي: ان المواثيق الاخلاقية ضرورة للتنظيمات المهنية؟

ان المواثيق الاخلاقية لاتشكل فقط صياغة للعلاقة بين الصحفيين والمجتمع، لكنها ايضا ضرورة للصحفيين انفسهم ولتنظيماتهم المهنية حيث ان كلمة Ethics جاءت من الكلمة اليونانية Ethos والتي تعني الشخصية character، يضاف إلى ذلك أن المواثيق الأخلاقية يمكن أن تلعب أدواراً مهمة بالنسبة لأية مهنة من اهمها :

1- إن المواثيق الأخلاقية توفير احساساً بالذاتية المهنية  وتشير الى نضج هذه المهنة، وتؤدي الى ان يحصل الذين يمارسون هذه المهنة على اعتراف اجتماعي بأن هذه المهنة تتميز عن غيرها من المهن ولذلك فإنه يتم تنظيمها في شكل رابطة للممارسين، كما أن الممارسين الذين ينتمون إلى هذه الرابطة يشتركون في مهارات خاصة، وأنهم قد حصلو على المعرفة الكافية لممارسة هذه المهنة، ولذلك فإنهم يقدمون ميثاقهم الأخلاقي للمجتمع، ويقومون بتطويره وتحديثه لتطوير الخدمات التي يقدمونها للمجتمع.

2- إن الميثاق الأخلاقي يتيح للجماعة المهنية أن تعرف نفسها، إنه يخبر الممارسين من هم؟ وماذا يجب أن يقومو به ؟ كما أن يتيح إمكانية للنقد الداخلي والإصلاح الداخلي.. إنه أيضاً يعلن للاّخرين من هي هذه الجماعة المهنية ؟ ويحدد الأهداف والقيم والمعايير التي يمكن أن يستخدمها الاّخرون في فهم هذه الجماعة المهنية، وتحديد التوقعات منها، والمناقشة معها وتقييمها وبحيث أية امتيازات يتطلبها القيام بهذه المهنة، والواجبات التي يجب أن تقوم بها.

3 – إن وجود ميثاق أخلاقي هوة علامة صحية على أن هؤلاء الذين يمارسون فناً أو علماً معيناً قد توصلو إلى فهم موحد، ولذلك يتم تشكيل صورة عنهم تتحدد من خلال مايتوقعه منهم الجمهور، ومايتوقعونه من أنفسهم، ولذلك فإن الميثاق الأخلاقي يساهم في توحيد الممارسين الأفراد في شكل رابطة أو مؤسسة متعاونة.

4– إن المواثيق الاخلاقية تساهم في تحقيق الاستقلال المهني أو الحكم الذاتي المهني بتوفير إطار للتنظيم الذاتي، ويوفر إطارا لتنفيذ  لمسؤليتها، وهذا يوفر بدوره أفضل وسائل الدفاع عن حرية الصحافة

5– إن الميثاق الأخلاقي يمكن أن يساهم في تحقيق التضامن بين الصحفيين للدفاع عن حرياتهم وحقوقهم، في مواجهة القوى الخارجية، والمؤسسات الإعلامية التي يعملون بها.

6- إن مفهوم المهنية Professional يمكن أن يلعب دوراً مهماً في التزام الصحفيين بالمواثيق الأخلاقية، ذلك أن المواثيق عادة ماتتضمن مثاليات ideals، ولذالك فإنه من الصعب معاقبة الصحفيين على انتهاكها، أو عدم الالتزام بها،  لكن احترام هذه المثاليات والاحكام النابعة منها يتم تحفيزه وتشجيعه من خلال الإحساس الداخلي للصحفيين بلأنتماء إلى المهنة والحرص على كرامتها وصورتها في أذهان الجمهور.

7 – إن المواثيق الأخلاقية يمكن أن تساهم في زيادة قدرات الصحفيين ومهاراتهم. وهذا يمكن  أن يحسن مستوى الأداء المهني، ويزيد القبول العام لمفهوم المهنية . وعلى ذلك فإن هناك علاقة بين مفهوم المهنية ومفهوم أخلاقيات الإعلام، ولذلك فإن الحافز الأساسي الذي شجع على إصدار مواثيق أخلاقية هو تشجيع الاعتراف بالصحافة كمهنة.



س3: استعرض نشأة المواثيق الاخلاقية للصحافة تأريخياً؟

يرى الكثير من المؤرخين أن اول ميثاق أخلاقي هو ذلك الذي اصدرته رابطة المحررين في ولاية كانساس الامريكية عام 1910، لكن ذلك لايعني تحديد لنشأة مفهوم اخلاقيات الأعلام ، ذلك أن مصطلح الأخلاقيات Ethics ظهر لأول مرة عام 1889 في مقال بعنوان أخلاقيات الصحافة.

لكن هل يمكن الاعتماد على ذلك في تحديد النشأة ؟ قد يكون ذلك هوة بداية التراث المكتوب في مجال أخلاقيات الإعلام، والذي تطور في شكل المواثيق الأخلاقية، لكن اخلاقيات الإعلام مثل أي مهنة أخرى ظلت غير مكتوبة لفترة طويلة من الزمن، ومازالت غير مكتوبة في الكثير من الدول، ولذلك فإن تحديد عام 1889 كبداية لظهور مصطلح أخلاقيات الصحافة أو 1910 كبداية لظهور المواثيق الأخلاقية لايعني تجاهل حقيقة أن الصحفيين خلال القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر كانت لهم مجموعة من القيم التقاليد والأخلاقيات.

مع ذلك فإن القرن العشرين قد شهد تطور مفهوم أخلاقيات الإعلام، وتطور المواثيق الأخلاقية، حيث ظهرت مواثيق أخلاقية في السويد عام 1916 وفي فرنسا عام 1918، ثم شهدت عشرينيات القرن العشريين ظهور عدد من المواثيق الأخلاقية في الولايات المتحدة الأمريكية من اهمها ميثاق جمعية رؤساء تحرير الصحف الأمريكية عام 1923، وفي عام 1926 ظهر ميثاق  جمعية الصحفيين المحترفين في أمريكا، ثم توالي بعد ذلك ظهور المواثيق الأخلاقية في الدول الأوربية، ولكن الجيل الأول من المواثيق الذي ظهر خلال النصف الأول من القرن العشرين كان يمثل حلولاً للمشكلات التي ظهرت خلال هذه الفترة وبالتالي لم يكن هذا الجيل من المواثيق قاداراً على مواجهة المشاكل الجديدة التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين خاصة مشكلة التركيز والاحتكار وماخلقته من مشكلات اخلاقية، فقد كانت مواثيق النصف الأول من القرن العشرين مختصرة إالى حد كبير، وتركز على المبادئ العامة.

ولذلك ظهر جيل ثان من المواثيق خلال السبعينات، حيث تزايد الاهتمام بأخلاقيات الصحافة، ولذلك قامت بعض الراوبط المهنية الأمريكية بتحديث مواثيقفها حيث تنبت جمعية الصحفيين المحترمين ميثاقاً جديداً عام 1973، وكذلك قامت جمعية رؤساء تحرير الصحف الامريكية بتحديث ميثاقها، مع ذلك فإن الصحفيين الأمريكيين لم يتوصلو إلى إجماع حقيقي حول موضوع أخلاقيات الاعلام، كما انتشرت فكرة إصدار مواثيق أخلاقية خلال السبعينات في الكثير من الدول لكن هذا الجيل الثاني أيضاً من المواثيق لم يكن قادراً على مواجهة الكثير من المشكلات الأخلاقية التي ظهرت نتيجة للمنافسة الحادة بين الصحافة من ناحية ووسائل الإعلام الأخرى من ناحية أخرى، وتطور تقنيات الاتصال وغير ذلك من العوائل التي أدت الى تزايد المشكلات الأخلاقية.

ثم ظهر جيل جديد من المواثيق خلال التسعينيات، وهو سنركز عليه خلال الدراسة التحليليىة.

 س4: من يقوم بصياغة المواثيق الاخلاقية؟

هناك رؤية يتبناها الكثيرون من الكتاب والصحفيين، ويتبناها أيضا كونجرس الاتحاد الدولي للصحفيين تقوم على أن وضع المعايير الأخلاقية يجب أن يكون مسؤلية الصحفيين وحدهم دون أي تدخل خارجي، وتقوم هذه الرؤية على أن المبادئ الأخلاقية لابد أن تكون نابعة من الصحفيين أنفسهم لكي يستطيعوا الالتزام بها، وانها تعبر عن ضميرهم ولذلك فهم الأقدر على تصور مشكلاتهم وماجهتها، وأن الميثاق الذي يدافع عن معايير مثالية لسلوك الصحفيين، ولايربط هذه المعايير بما يقوم به الصحفيون بالفعل يعتبر غير متعلق باممارسة الفعلية للصحفيين، ومن الصعب أن يؤثر على عملهم، ولذلك فإن الميثاق الاخلاقي الذي يمكن أن يكون أكثر نجاحا في التأثير على سلوك الصحفيين وتحسين أدائهم لابد أن يبدأ من الممارسة الفعلية للصحفيين.

وعلى ذلك فإن الصحفيين أنفسهم هم الأقدار على صياغة المبادئ والاخلاقية التي تنطلق من الممارسة الفعلية لتقدم الحلوا لما يواجه الصحفيون من مشكلات، ولكي يمكن أن توجه القرارات التي يتخذها الصحفيون خلال عملهم لكن رؤية أخرى تقوم على أن معظم المواثيق الأخلاقية التي صدرت حتى الان كتبت بواسطة ممارسين  للمهنة، ومع ذلك فإن التاريخ يدعم الحاجة إلى اجراء تعديل أساسي في تطور المواثيق الأخلاقية، وأنه لابد أن يكون هناك دور للأكاديميين وللجمهور في صياغة المواثيق الأخلاقية.

ويقدم أصحاب هذه الرؤية الكثير من المبررات من اهمها:

1– إن أفراد الجمهور هم المستفيدون الأساسيون من وجود ميثاق أخلاقي يشكل ضمانات لحقوق الجمهور من خلال المبادئ الأخلاقية التي تحكم عمل الصحفيين، وعلى ذلك فإنه لابد أن يكون للجمهور دور في التأثير على تشكيل هذه المبادئ الأخلاقية.

وإن من مصلحة الصحفيين أنفسهم يشارك الجمهور في صياغة المواثيق الأخلاقية وأن يتابع التزام الصحفيين بها، وأن يكون هناك نشاط جماهيري ضد انتهاكات المبادئ الأخلاقية في وسائل الإعلام ولذلك فإن الجمهور لابد أن يكون على وعي بأخلاقيات الإعلام، وكلما زاد وعي الجمهور بهذه الأخلاقيات فإنه يمكن أن يساعد على تدعيم الأخلاقيات الصحفية ويرى كاسوما: إن المجتمع يحصل على الصحفيين الذين يستحقهم، لذلك فإن الصحفيين الأفارقة كثيراً مايكونون غير أخلاقيين لأن الجمهور لم يفعل شيئاً في مواجهة سلوكهم غير الأخلاقي، ويظل أفراد الجمهور صامتيين إما برضائهم أو بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم.

ولذلك فإنه لكي يتم التزام الصحفيين بأخلاقيات الإعلام فإنه لابد أن يكون هناك وعي عام بهذه الأخلاقيات وأن يدافع الناس عن حقوقهم عندما تتعرض هذه الحقوق للانتهاكات بسبب السلوك غير الأخلاقي للصحفيين.

وإذا كان الوعي العام ضرورة للالتزامات بالمبادئ  الأخلاقية، فأنه لابد من التسليم بضرورة اشتراك الجمهور أو ممثلين لهم في صياغة المبادئ الأخلاقية للصحافة، ولا ينفرد بصياغتها الصحفيون أنفسهم.

يضاف إلى ذلك أن من اهم أهداف المواثيق الأخلاقية ضمان قيام علاقة متوازية وصحية بين وسائل الإعلام والجمهور ولذلك فإنه لابد من مشاكة الجمهور في صياغة المواثيق الأخلاقية.

كما إن المواثيق الأخلاقية يجب أن تخرج من حالة التركيز على المبادئ الأخلاقية المهنية لتستوعب المبادئ الأخلاقية المجتمعية، وبذلك الأخلاقية المهنية لتستوعب المبادئ الأخلاقية المجتمعية، وبذلك يمكن أن تكون أداة لقيام علاقة جديدة بين وسائل الإعلام والمجتمع، وحساسية وسائل والإعلام لاحتياجات المجتمع وقيمه، ومنظومته الأخلاقية.

2 – أما بالنسبة للأكاديميين فإن هناك من يرى أنه من الضروري أن يكون لهم دور في صياغة المبادئ الأخلاقية لوسائل الإعلام، ذلك أن المواثيق الأخلاقية ليست مجرد أحكام على الصحفي أن يتبعها، لكنه تشتمل على مبادئ تتعلق بما هو صحيح وما هو خطأ في السلوك الأنساني، وهي مبادئ لابد أن تكون مستندة على اساس نظرية معقولة، أو أن تكون نتاجاً لنظريات علمية، وأن يتم استنتاج هذه المبادئ الأخلاقية من التجارب الإنسانية.

يضاف إلى ذلك أن المواثيق الأخلاقية لابد أن يسبق إصدارها دراسات علمية للقيم المجتمعية والثزابت التي يقوم عليها المجتمع، وعلاقة وسائل الإعلام بالمجتمع، والمنظور الثقافي للمجتمع والذي يمكن أن يؤثر على تشكيل المواثيق الأخلاقية، وبدون ذلك فإن المواثيق الأخلاقية يمكن أن تصبح عملية استنتاج من مواثيق أخرى، تم تطويرها في دول أخرى، وهو مايمكن أن نلاحظ بوضوح في المواثيق الأخلاقية الحالية، وكيف تم تشكيل هذه المواثيق طبقاً للرؤية الغربية.

كما أنه لكي تصبح الأخلاقيات جزءاً من حياة الصحفي فإنه لابد  أن يتم تعليم الاخلاقيات في الجامعات ويرى جاليمور أن هؤلاء الذين يقومون بتدريس الصحافة داخل الجامعات عليهم مسؤلية في تطوير أخلاقيات الإعلام حيث انهم يجب أن يقومو بالدعوة الى الخطاب الاخلاقي Ethical discourse  في وسائل الإعلام وفي المجتمع، وأن يقومو بمناقشة حية لأخلاقيات المهنة.

وهكذا فإن مشاركة الجمهور والأكاديميين في صياغة المواثيق الأخلاقية يمكن أن يزيد ثراء هذه المواثيق وعمقها، ويزيد قدرتها على مناقشة مشكلات المجتمع واستيعاب قيمة وأخلاقياته.


كما أنه يمكن أن يزيد التفاعل بين الإعلاميين والجمهور، ويعطي شعوراًللجمهور بأن الصحفيين يلتزمون بما يريد لهم ن يلتزمو به من مبادئ أخلاقية.

س5: كيف تتم صياغة المواثيق الاخلاقية؟

هناك الكثير من المشكلات التي تثور بالنسبة لصياغة المواثيق الأخلاقية، والسمة الغالبة على المواثيق الأخلاقية أنها تأتي في شكلين رئيسيين.

   الشكل الأول : هو أن يتضمن الميثاق مجموعة من المبادئ المثالية Ideals   التي تطمح الجماعة المهنية إلى تحقيقها، وهذا الشكل يهدف إلى تقديم الجماعة المهنية إلى المجتمع، والتعريف  بأهدافها، وتتسم صياغة المبادئ بالعمومية، حيث تتميز بأنها إعلانات مبادئ واسعة، ولاتتضمن هذه المواثيق أية عقوبات يمكن أن يتعرض لها الإعلامي الذي ينتهك هذه المبادئ.

وهناك الكثير من الشكوك التي تثور حول القيمة الفعلية لهذه اللمواثيق، وتأثيرها على سلوك الصحفيين وقراراتهم.

مع ذلك فإن الصياغة بطريقة المبادئ العامة تصبح ضرورة بالنسبة لبعض المبادئ خاصة تلك تتناول الأخلاقيات المتعلقة بالوظائف والدور.

والمشكلة في هذه الاسلوب أنه يجعل أحكام المواثيق واسعة جداً  لدرجة أنها لاتحدد مقاييس لإرشادات واقعية تختلف من حالة إلى أخرى، وكذلك فإن الذين يكتبون أحكام المواثيق، وأولئك الذين يفسرونها، وأولئك الذين يطبقونها يواجهون مشكلة عامة هي أنهم لايعرفون أين يقفون.

أما الشكل الثاني: فإنه يقوم على مجموعة من المعايير والاحكام Standards and rules والتي يكون على الإعلامي أن يطبقها، وهي معايير أكثر تفصيلاً ويمكن أن توفر إرشادات للإعلامي خلال قيامه بعمله، واتخاذه  للقرارات، كما أنها يمكن أن تشكل المضمون الذي تقدمه الوسيلة الإعلامية، وبعض المواثيق التي تتبع هذا الأسلوب تفرض نوعاً من العقوبات على انتهاك بعض ماتتضمنه من احكام وهذا النوع من النوع الصياغة يمكن  أن يصلح بشكل أكبر لمواثيق الوسائل الإعلامية نفسها، ويعتبر الميثاق الذي أصدرته لجنة معايير الإذاعة البريطانية، والميثاق الذي أصدره مجلس الصحافة الألماني من افضل النماذج لهذا النوع من الصياغة.

لكن معظم تكون خليطاً من الشكليسن السابقين، وترى لجنة مارجعة الأخلاقيات في رابطة الصحفيين الأستراليين أن الشكل المعقول لتصميم الميثاق الأخلاقي يكون على النحو التالي:

1- أن يبدأ بمجموعة المبادئ المثالية التي تسعى الجماعة المهنية إالى تحقيقها، وهذا يعني تحديد ماتهدف الصحافة إلى تحقيقه.

2 – القيم التي تستند عليها المعايير أو الأحكام، وذلك كوسيلة تعليمية ، للإعلاميين، وللمساعدة في حل المشكلات التي تواجههم.

3 – تحديد المعايير التي على الصحفي أن يتبعها.

4 – الاعتراف بأن القيم التي يتضمنها الميثاق يمكن أن تتصادم أحياناً، ويعطي الميثاق التوجيهات التي يجب على الصحفي أن يتبعها في حالة التعارض بين قيمتين أو أكثر من القيم التي يتضمنها الميثاق.

هناك مشكلة أخرى في صياغة المواثيق الأخلاقية هية إن معظم المواثيق تصاغ بطريقة سلبية بمعنى أنها تحض على امتناع الصحفي عن القيام بأي عمل غير اخلاقي، ولذلك فقد أصبحت بنود المواثيق عبارة عن قائمة من المحضورات الغامضة البعيدة عن الواقع، وأن المواثيق تركز على المنع والحظر والنفي (لاتفعل)

لذلك فقد ظهرت رؤية تقوم على رفض صياغة المواثيق بهذا الاسلوب، حيث أنه من المهم أن يؤكد الميثاق على ضرورة قيام الصحفي بأداء عدد من الواجبات أو الالتزامات مثل التركيز على الاخبار المهمة ولذلك فإن المواثيق لابد أن تشجع الصحفيين على القيام بعمل معين لتحسين تغطيتهم للأحداث.

كما أن الصياغة بالطريقة السلبية التي تحض الصحفيين على عدم الفعل قد تؤدي إالى تجنب الصحفيين القيام بسلوك غير اخلاقي، لكن الطريقة الايجابية التي تحض الصحفيين على الفعل تشجع الصحفيين على القيام بالسلوك الأخلاقي، وقد يقال إن الامرين وجهان لعملة واحدة... لكن ذلك ليس صحيحاً تماماً، فعبارة " لاتكذب " لاتعني بالضرورة عبارة " أنشر الحقيقة " ذلك أن الكذب يمكن تجنبه عن طريق الصمت أو الغموض أو تغيير الموضوع، ولذلك فإن الحض على عدم الكذب ليس مبدأ أخلاقياً كافياً في الحياة العامة أو في الصحافة، فالصحيفة يمكن أن تصمت عندما تظهر معلومات تضر بالقضية التي تؤيدها.

إن الميثاق الأخلاقي لكي يكون مؤثراً في صياغة العلاقة بين وسائل الإعلام والمجتمع لايجب أن يكون أيضاً قائمة من افعل ولاتفعل، لكنه يجب أن يكون منظومة من الارشادات التي تساعد الصحفي على الالتزام بالمسؤلية الصحيفية، وأن يشعر أنه مسؤل نحو مهنته وجمهوره.

كما أن الطريقة الإيجابية وحدها والتي تحض الصحفيين على القيام بأفعال معينة ليست بدون مشاكل فعلى سبيل المثال عندما يحض الميثاق الصحفي على الإخبار بالحقيقة... فإن الحقائق كثيرة ولاتنتهي ولابد من أن تتم عملية اختيار للمعلومات التي تتقدم للجماهير وعملية الاختيار هذه لابد أن تكون عادلة ومتوازنة ولكن أين هي الخطوط الفاصلة؟.

ولذلك فإن صياغة المواثيق تحتاج إلى رؤية جديدة أكثر جرأة، وقدرة على أن تستوعب معطيات الواقع وقيم المجتمع وحاجاته، وحاجات الصحفيين وكيفية تطبيقهم لمبادئ الميثاق واحكامه ومعايير.



س6: مامدى تاثير المواثيق الاخلاقية على سلوك الصحافيين؟

ولكن هل للمواثيق الأخلاقية تأثير حقيقي على القرارات التي تبين مدى تأثير المواثيق الأخلاقية على العمل الصحفي، ولكن هناك عدد من استطلاعات الرأي العام التي اوضحت مايلي:

1 – إن معظم الصحفيين الأمريكيين يرون أن هناك أهمية للمواثيق الأخلاقية، حيث أجرى فيليب ماير استطلاعاً عام 1983 على عينة من الصحفيين الأمريكيين، وكانت  النتيجة الأساسية لهذا الاستطلاع أن ثلث الصحفيين الأمريكيين يعتقدون أنه من الضروري أن يكون هناك ميثاق أخلاقي مكتوب لكل صحيفة حتى يمكن الرجوع إليه في حالة وجود مشكلات أخلاقية وان المواثيق الاخلاقية تؤثر على عمل الصحفيين وتدعم المسؤولية الاجتماعية للصحافة.

2 – بينت دراسة أخرى أجريت باستخدام أسلوب الاستبيان الذي تم إرساله بالبريد إلى 165 رئيس تحرير أو مدير تحرير أن المسؤولين عن التحرير في الصحف الأمريكية يهتمون بتوزيع نسخ من المواثيق الأخلاقية على الصحفيين الذين يعملون في صحفهم، ويحرصون على عدم انتهاك ماتتضمنه هذه المواثيق من مبادئ أخلاقية.

3 – أوضحت دراسة ثالثة تمت أيضاً بأستخدام أسلوب الاستبيان على 226 رئيس تحرير أن الصحف التي لديها مواثيق أخلاقية خاصة تكون ملتزمة بشكل أكبر بعدم أنتهاك المبادئ الأخلاقية.

4 – أجرى بوينك دراسة إستخدام فيها الإستبيان على 29 صحيفة يومية، وأسلوب الملاحضة بالنسبة لثلاث  صحف، ومن خلال هذه الدراسة تم استنتاج ثلاثة نماذج لعملية اتخاذ القرار في القضايا الأخلاقية على النحو التالي:

النموذج الاول:  ويقوم على أن إدارة التحرير تثق في الصحفيين الأفراد، ةتترك لهم حرية اتخاذ القرار، وبالتالي فإن القرار الأخلاقي هوة مسؤلية فردية.. ونادراً ماتتم مناقشة الأخلأقيات في اجتماعيات هيئة التحرير، أو بين الصحفيين داخل المؤسسة.

النموذج الثاني:  وتقوم فيه الصحيفة بتطوير مبادئ أخلاقية مكتوبة في شكل ميثاق، ولكن من النادر أن يقرأها الصحفيون أو يستخدموها، ومع ذلك فإن هذه الصحيفة ترى أن التزامها بالأخلاقيات هو التزام مؤسسي institutional وليس فقط مسؤولية فردية، وانه في هذه المؤسسات  تكون هناك ثقافة أخلاقية Ethical culture ترجع بشكل أساسي إلى اهتمام الناشر بالمعايير المؤسسية.

النموذج الثالث: وتقوم فيه الصحيفة بتطوير معاييرها المهنية بطريقتيين: الأولى: وتتم من أعلى إالى أسفل من خلال المواثيق الأخلاقية والثانية: وتتم من اسفل إلى أعلى عبر تشكيل مجموعة من السوابق المفصلة، وتشكيل سياسة أخلاقية للمؤسسة.

مع ذلك أوضحت هذه الدراسة أن 17% فقط من الصحفيين يشعرون أن الميثاق الأخلاقي مهم في تطوير أفكارهم حول ماهوصواب وما هوة خطأ، الأخبار بالصحف، حيث أن الحالات أو المشاكل المثارة في العمل اليومي كثيراً ماتتحدى المبادئ الاخلاقية المكتوبة.

هناك دراسات اخرى اوضحت أن تأثير المواثيق الأخلاقية قليل، زأنها ليست أكثر من أدوات للعلاقات العامة، وأنه نادراً مايقرا صحفي ميثاق الشرف، ولذلك يرى ميريل: أن امتلاك ميثاق أخلاقي لتعليقه على الحائط يصبح شيئاً بلا معنى أما إذا كان هذا الميثاق سوف يدخل داخل الصحفي ويوجه أعماله، فإنه يصبح شيئاً له قيمة.

لكن البعض يرون أن نتائج الدراسات التي أوضحت عدم قراءة الصحفيين للمواثيق الأخلاقية لايقلل من قيمتها، فمعظم المواطنين الأمريكيين لم يقرأوا الدستور الأمريكي، لكن لايمكن إنكار تأثيره على الثقافة  الأمريكية.

مع ذلك ذلك فإنه لايمكن لاتسليم بهذا الرأي ذلك أننا لانحتاج للميثاق لكي نستمتع بأننا نمتلك ميثاقاً أو نعلن هذا الميثاق للجمهور، ولكن الميثاق لابد أن يكون له تأثير على قرارات النشر، وعلى عمل الصحفيين، ولذلك فإن القضية لاتكمن فقط في أن يكون الصحفيون على معرفة كافية بالميثاق، كما طالب بذلك 96% من مدراء التحرير ومدراء الأخبار في الصحف ومحطات التليفزيون الأمريكية، لكن هذه المواثيق لابد أن تدخل في عقول الصحفيين لتشكيل أساساً لثقافة صحفية أخلاقية، وأن تدخل داخل صالات التحرير لتشكيل عمل الصحفيين وقراراتهم وأن تدخل داخل مناقشات الهيئات التحريرية.

وهناك الكثير من الكتاب الذين يرون أن هذه المواثيق الأخلاقية ليس لها تأثير، تأثيرها سيظل محدوداً نتيجة لأنها لها أنياب بمعنى أن الصحفي الذي لا يلتزم بهذه المواثيق لايعترض لأي نوع من العقوبات، وعلى ذلك يعتقد أصحاب هذه الرؤية أن مواثيق السلوك التي يفرضها الصحفيون الأفراد على أنفسهم بشكل اختياري طوعي يمكن أن تؤدي إلى نتائج أفضل، ذلك أن الصحفيين كثيراً ما يواجهون مواقف أخلاقية لابد من التعامل معها بشكل يختلف من حالة الى اخرى.

يضاف  الى ذلك انه قد انتشرت ممارسة أخرى في الصحف الامريكية يرى البعض أنها أكثر فعالية من المواثيق الأخلاقية وهي استخدام المذكرات الاخلاقية التي يقوم رؤساء التحرير بتوزيعها على الصحفيين العاملين في صحفهم بالإضافة إلى السيمانارات التي تعتقد داخل الصحف لمناقشة القضايا الاخلاقية وهي الممارسة المعروفه بأخلاقيات المذكرات والاجتماعات  Memo-and-meeting ethics  وهذا المصطلح يعني إرسال مذكرات إلى الصحفيين توضح الإرشادات الأخلاقية، ومناقشة القضايا الأخلاقية في اجتماعات عامة للصحفيين.

ولاشك أن هذه وسائل جيدة لتنمية أخلاقيات الإعلام وتطويرها، وتشكيل الثقافة الأخلاقية داخل الموؤسسات الإعلامية لكنها لايمكن أن تكون بديلاً للمواثيق الأخلاقية العامة التي تصدرها المنظمات المهنية أو المؤسسات العلامية، كما أنه لايمكن التسليم بإمكانية أن يتبنى كل صحفي بنفسه ميثاقاً أخلاقياً خاصاً يطبقه على نفسه، فهذا لايشكل أخلاقيات عامة للإعلام، ولا يوفر أرضية مشتركة يعمل عليها الإعلاميون بشكل عام أو داخل كل مؤسسة ولذلك فإن هناك حاجة للمواثيق الأخلاقية، ولكن هناك أيضا حاجة أكبر لثاقافة عامة دخل المؤسسات الإعلامية، تصبح فيها المواثيق الأخلاقية ذات تأثير أكبر على عملية اتخاذ القرارات التحريرية.  

26 سؤال وجواب عن النُظُمِ الإعلامية وأخلاقيات الإعلام - مختصر من كتاب الدكتور سليمان صالح


26 سؤال وجواب عن النُظُمِ الإعلامية

وأخلاقيـاتُ الإعـلام

من كتاب اخلاقيات الاعلام للدكتور سليمان صالح



إعداد وترتيب

نجم العيساوي



النظم الاعلامية واخلاقيات الاعلام

س1: علل: شغلت قضية حرية الصحافة الانسانية منذ فترة طويلة من الزمن، وكان الخلاف حول حرية الاعلام في العالم نتيجة طبيعية وربما صحية ايضاً.

تنوع المجتمعات الانسانية ثقافياً وحضارياً، وما انتجه هذا التنوع من اختلاف في الاراء والمواقف والنظرة للكون لموقع الانسان على خريطته، ومن ثم كان من الطبيعي ان تتنوع الاجتهادات، وتتعدد الاراء حول الحرية، كما تعددت وتنوعت في كل القضايا المحورية في الحياة الانسانية، وبدون هذا التعدد والتنوع والاختلاف لم يكن من الممكن ان تستمر الحياة وتتواصل وتتطور، وان يحقق الانسان الثراء الفكري الذي ينتج عنه الابداع والتقدم، ففرض نموذج واحد على البشر هو خطر يهدد الحياة الانسانية بالتوقف والجمود.



س2: ما الحقوق التي تتشابك مع حرية الاعلام؟ والى ماذا قاد هذا التشابك؟

حرية الاعلام او الصحافة تتشابك مع الكثير من الحريات والحقوق الفردية والمجتمعية الاخرى وهي:

  1. حرية العقيدة.
  2. حرية الفكر.
  3. حرية التعبير.
  4. ديموقراطية الاتصال.
  5. الحق في المعرفة.
  6. الحق في المشاركة السياسية.
    كما ان هناك حقوق اخرى للمجتمع الانساني تتطلب حمايتها والموازنة بينها وبين حرية الصحافة وهي:

  1. حماية الامن القومي.
  2. حماية النظام العام والاداب والاخلاقيات العامة.
  3. حماية حق المجتمع في ادارة العدالة.
  4. حماية الهوية والذاتية الثقافية للمجتمع.
  5. حماية الاستقلال الوطني.
  6. حق المجتمع في التنمية.
    وهناك ايضا حقوق اخرى للافراد جديرة بالحماية في مواجهة حرية الصحافة من اهمها:

  1. حماية السمعة والكرامة الشخصية للمواطن.
  2. حماية حق الانسان في الخصوصية.
  3. حماية حق الانسان في النشر الصحيح عنه.

    قاد هذا التشابك الى:

  • زيادة الاحساس بالحاجة الى تنمية اخلاقيات الاعلام وتطويرها.
  • انتاج مفاهيم مختلفة قامت على اساسها نظم اعلامية.


س3: ينقسم النظام الشمولي الى نوعين هما النظام السلطوي والنظام الشيوعي، ماهو النظام السلطوي؟

النظام السلطوي: من اقدم النظم الصحفية الا انه:



  1. لايزال حتى الان يتحكم في الصحافة في الكثير من دول العالم خاصة في دول الجنوب.

  2. لايزال هناك بعض النصوص القانونية والقيود والتقاليد الموروثة من فترات طبق فيها هذا النظام في دول اوربا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر.

  3. تستخدم الصحافة في هذا النظام لزيادة سيطرة الدولة والدفاع عن مصالح الطبقة الحاكمة.

  4. يعكس فكر السلطويين توجهاً نخبوياً يقوم على الشك في الجماهير ويرون انهم غير قادرين على اتخاذ القرارات بانفسهم، وبالتالي فانه في حال امتلاكهم السلطة سيشكل خطرا على المجتمع، لذلك فان اشخاصا متميزين هم الذين يجب ان يحكموا فهم النخبة القادرة على اتخاذ القرارات وممارسة السلطة.


س4: ما المباديء الاساسية التي حددها دينيس ماكويل للنظام السلطوي؟

  1. ان الصحافة يجب ان تؤيد السلطة القائمة بشكل دائم.
  2. يحظر على الصحافة ان تنشر ما يمكن ان يشكل نقداً للحكومة، او ما يمكن ان يؤدي الى اضعاف النظام.
  3. يحظر على الصحافة نشر مايمكن ان يشكل أية اساءة الى النخبة والطبقة المسيطرة او القيم السياسية والاخلاقية.
  4. يعتبر فعلا جنائيا كل هجوم على السلطة او السياسة الرسمية، ويتعرض الصحفيون في هذا النظام للكثير من العقوبات.
  5. لايتمتع الصحفيون في هذا النظام باي استقلال داخل منظماتهم المهنية او المؤسسات الصحفية التي يعملون بها.


س5: ما الوسائل التي تعتمدها النظم السلطوية في تطبيق مبادئها؟

  1. القيود التشريعية.
  2. ضرورة الحصول على ترخيص من السلطة لاصدار صحيفة.
  3. انذار الصحف وتعطيلها لفترات محددة، واغلاقها عن طريق القضاء طبقا للقوانين التي اصدرتها السلطة او بالطريق الاداري دون الحاجة الى نص قانوني.
  4. الرقابة بكل اشكالها العسكرية والمدنية المباشرة وغير المباشرة.


س6: هل بمقدور النظم السلطوية الاستمرار بتحدي الظروف الجديدة من الحرية التي اتاحتها التطورات الهائلة في تكنولوجيا الاعلام؟

لايمكن ان تستمر النظم السلطوية بفرض القيود على الصحافة واجبارها على الانصياع لسياسة السلطة فثورة الاتصالات تفرض شروطها على الجميع، وسترغم جميع الدول على اعادة حساباتها وقوانينها التي اصبحت خارج الزمن خصوصا بعد ان اصبحت صناعة الاعلام هي الصناعة الرئيسة في العالم.



س: ينقسم النظام الشمولي الى نوعين هما النظام السلطوي والنظام الشيوعي، ماهو النظام الشيوعي؟

النظام الشيوعي: يقوم هذا النظام على ان الطبقة العاملة تملك السلطة في المجتمع، ولكي تحتفظ بهذه السلطة فانها يجب ان تتحكم في وسائل الانتاج العقلي، ولذلك فان الصحافة ووسائل الاعلام الاخرى يجب ان تخضع لسيطرة الطبقة العاملة ومنظماتها (الحزب الشيوعي).



س7: ماهي المباديء الاساسية التي حددها دينيس ماكويل للنظام الشيوعي؟

  1. ان وسائل الاعلام يجب ان تخدم مصالح الطبقة العاملة وتكون تحت سيطرة هذه الطبقة.
  2. حظر الملكية الفردية للصحف ووسائل الاعلام.
  3. من حق المجتمع فرض الرقابة والاجراءات والقيود القانونية الاخرى لمنع نشر اية افكار ضد الاشتراكية، كما انه من حق المجتمع فرض عقوبات على الصحفيين.



س8: علل ما ياتي: ان تجربة النظام الشيوعي وضحت أهمية حرية الاعلام واخلاقيات الاعلام بشكل كبير؟

كان ذلك واضحا عقب انهيار الاتحاد السوفيتي:

  1.  اكتشف عقب انهيار الاتحاد السوفيتي كيف اخفت وسائل الاعلام الكثير من المعلومات عن الجماهير، او بمعنى ادق لم تستطع ان تنشرها نتيجة للقيود الصارمة التي فرضها النظام.
    [مساحات واسعة من الاراضي جرى تلويثها]
    [مئات الالاف من الكتب والاعمال الفنية القديمة تم تدميرها]
    [60 مليون من البشر تم ابادتهم منذ عام 1917 حتى منتصف الثمانينات]

  2. اكتشف عقب انهيار الاتحاد السوفيتي كيف ان الناس كانوا يعيشوا حياة بائسة، وكيف كانوا يعانون الفقر والظلم والحرمان، وكيف ان الكثير من الماسي كانت ترتكب دون ان يكتشفها احد.

  3. لهذا كان هناك احد المطالب الاساسية لموجة الثورات الاجتماعية التي انتشرت في وسط اوربا هو انهاء السيطرة الحكومية على وسائل الاعلام.


س9: ما وجهة نظر النظرية الشيوعية في موضوع الصحافة في الغرب؟

ساهمت بنقد اوضاع الصحافة في الغرب، وقاموا بتحليل اوضاع وسائل الاعلام الغربية بمنهج نقدي ساهم بشكل كبير في الكشف عن مساويء اوضاع وسائل الاعلام في المجتمعات الراسمالية، لكن البديل الذي قدموه كان بديلا مراً، فهو لايعدو كونه عملية اقامة احتكار التنظيم السياسي الواحد (الحزب الشيوعي) كبديل للاحتكار الراسمالي، وكلاهما يؤدي الى غياب التعددية والتنوع، وبالتالي غياب حرية الاعلام.



س10: كيف كان موضوع اخلاقيات الاعلام في ظل النظام الشيوعي؟

بالرغم من النقد الذي وجهه الباحثون اليساريون لاخلاقيات الاعلام التي تطورت في الغرب بانها اخلاقيات برجوازية، الا ان اخلاقيات الاعلام في النظام الشيوعي لم تكن هناك حاجة اليها، ذلك انه في غياب الحرية، فانه حتى لو وجد ميثاق اخلاقي فانه من الصعب تطبيقه.

يلاحظ ان جول اوربا الشرقية وبعض دول الاتحاد السوفيتي السابق مثل روسيا وارمينيا قد اصدرت مواثيق اخلاقية عقب انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات، ذلك لانه قد ظهرت الحاجة الى هذه المواثيق بمجرد ان تم الغاء بعض القيود القانونية والسلطوية على وسائل الاعلام.



س11: ما الاسس التي حددها ماكويل للنظام الليبرالي الراسمالي؟

  1. ان النشر يجب ان يكون حراً من أية رقابة مسبقة.
  2. ان سوق الصحافة والاعلام حرة ومفتوحة لكل شخص او جماعة لامتلاك الصحف ووسائل الاعلام وادارتها بدون الحصول على ترخيص مسبق من السلطة.
  3. ان النقد الموجه الى الحكومة او الى اي حزب سياسي او مسؤول رسمي يجب ان لايكون محلا للعقاب حتى بعد النشر.
  4. عدم وجود اي نوع من القيود على جمع المعلومات.
  5. ان لايكون هناك اي قيد على نقل وارسال المعلومات عبر الحدود القومية.
  6. يجب ان يتمتع الصحفيون بالاستقلال المهني داخل مؤسساتهم الاعلامية.


س12: وضح اهمية فكرة "السوق الحرة والمفتوحة للافكار" في النظام الليبرالي؟ وما النتائج التي ترتبت على ممارسة هذه الفكرة؟

تحتل فكرة "السوق الحرة والمفتوحة لكل الافراد وحرية الانتاج والاستهلاك" مكانة مهمة داخل هذا النظام حيث انها تشكل البناء الاقتصادي للراسمالية، ومن ثم فانها من الطبيعي ان تشكل اساس نظام الصحافة ووسائل الاعلام.

اما الفكرة الثانية فهي عدم تدخل الدولة في شؤون الصحافة ووسائل الاعلام، ويحظر الدستور الامريكي على الكونكرس ان يصدر اي قانون يقيد حرية التعبير او الصحافة.

لكن المشكلة ان اوضاع الصحافة في اوربا وامريكا خلال النصف الثاني من القرن العشرين قد ابتعدت بشكل كبير عن تلك الافكار الليبرالية، حيث ان السوق الحرة لم تعد قادرة على توفير التعددية والتنوع في مجال الصحافة ووسائل الاعلام نتيجة لتزايد ظاهرة الاحتكار والتركيز في ملكية وسائل الاعلام.

س13: يرى شيلر ان اعظم انجاز احرزه التضليل الاعلامي الامريكي هو تكريس مفهوم محدد للحريات الصحفية، وابتعاد منظم عن مباديء النظرية الليبرالية وفكرة السوق الحرة، ناقش هذا الراي.

بالنسبة لتكريس مفهوم محدد للحريات الصحفية من خلال صياغته في عبارات تتسم بالنزعة الفردية، وهو ما يمكن المفهوم من اداء وظيفة مزدوجة، فهو يحمي حيازة الملكية الخاصة لوسائل الانتاج من ناحية، وهو يطرح ذاته بوصفه حارسا لرفاهية الفرد موحياً بان الاخيرة لايمكن بلوغها الا في وجود الاولى، وفوق هذا المعنى او التفسير الهيكلي يتم تشييد هيكل كامل من التضليل الاعلامي.

ان وهم حرية الاختيار فيما يتعلق بالاعلام اكثر انتشارا في امريكا لان الذين يسيطرون على الاعلام يحافظون على استمرار الخلط بين الكم الاعلامي وتنوع المضمون.

س14: ما الانعكاسات التي احدثتها حروب الخليج على الاعلام الغربي عموما والامريكي خصوصا؟

الاتجاهات:

  1. تزايد التزام وسائل الاعلام بالمباديء او القواعد التي تحددها الدولة والنظام السياسي والاقتصادي العالمي الحالي.
  2. قيام وسائل الاعلام الامريكية بتعبئة الراي العام وتصنيع التاييد العام للموقف الامريكي.
  3. استخدام وسائل الاعلام كأداة للدعاية في الحرب.
  4. تدهور المؤسسات الديمقراطية التقليدية وعدم قدرة الصحافة على القيام بوظيفتها في الرقابة على الحكومة او مايطلق عليه وظيفة كلب الحراسة.

    الانعكاسات:

  1. ان الصحافة الامريكية تعمل داخل احكام ونظم واتفاقيات وقيود وهي ليست حرة بالمطلق.
  2. الابتعاد كثيرا عن مباديء النظرية الليبرالية وان السوق لم تعد حرة ولم تعد قادرة على توفير الفرص المتكافئة للتعبير الحر عن كل الاراء ووجهات النظر وتغطية الانباء من مصادر متعددة ومتنوعة.

    س15: هناك من يرى ان العوامل التي ادت الى انهيار الشيوعية في اوائل التسعينيات موجودة في داخل النظام الراسمالي. كيف تفسر ذلك من خلال الشواهد والادلة؟
    معدل قراءة الصحف اصبح يتناقص في الولايات المتحدة الامريكية وهو ماادى الى تدهور القاعدة الاقتصادية للصحافة، ففي استطلاع اجرى عام 1995 في امريكا على مستوى قومي ظهر ان 45% فقط من الامريكيين انهم قرأوا صحيفة يومية في اليوم السابق، وذلك اقل من المعدل السابق في استطلاع اجري عام 1994 حيث ذكر ان 58% من الامريكيين انهم قرأوا صحيفة يومية في اليوم السابق، ومقارنة بنتيجة استطلاع عام 1965 كانت فيه النتيجة ان 71% من الامريكيين قراوا جريدة يومية في اليوم السابق.

    تناقص الاعلانات وهو ما ادى الى ظهور دعوة لاعادة التفكير في القاعدة الاقتصادية للصحف.

    س16: كيف تقيم "اخلاقيات الاعلام في النظام الليبرالي" في ضوء ما أفرزته الحضارة الغربية من السيطرة الاحتكارية على وسائل الاعلام؟
    ان النظام الليبرالي وما آل اليه من السيطرة الاحتكارية على الوسائل الاعلامية قد وفر بيئة لنمو وتطور اخلاقيات الاعلام، لكنها نوعية من الاخلاقيات ذات طابع فردي، يرتبط بالفلسفة الراسمالية. لقد كانت هذه الفردية هي الملمح الاساسي للبيئة الاجتماعية الغربية منذ عصر التنوير، وهي القوة الدافعة لثقافة مهنة الاخبار، لذلك فان تاريخ اخلاقيات الصحافة تطور داخل هذا السياق الاجتماعي والمهني، وعكس هذه الروح الفردية.
    لهذا فان الاخلاقيات الاعلامية التي تطورت داخل السياق الفكري والاجتماعي والمهني الغربي، وتحديدا في الولايات المتحدة كانت هي الاخلاقيات المرتبطة بالتجارة والتسويق والبزنس والتي تهدف الى تحقيق المزيد من الارباح عن طريق زيادة معدلات التوزيع والمشاهدة.
    لكن كان هذا على حساب المكانة المجتمعية للوسائل الاعلامية، وهو ما ادى الى تدهور الحالة المعنوية للصحفيين الذي اصبحوا يشكون في اهمية الدور الذي يقومون به وقيمته. وبالتالي فان احتكار ملكية وسائل الاعلام الغربية ادى الى تدهور الحالة المعنوية للصحفيين الذين اصبحوا يشكون في الدور الذي يقومون به، وبداوا يشعرون ماهم الا موظفون لايقومون بدور اعلامي حقيقي لصالح المجتمع.

    س17: ما المباديء الاساسية التي حددها ماكويل لنظرية النظام الليبرالي الصحافة؟







    س18: بين باختصار الظروف التاريخية التي نشأت بموجبها نظرية المسؤولية الاجتماعية لوسائل الاعلام؟
    نتيجة لتزايد ظاهرة التركيز والاحتكار في ملكية وسائل الاعلام في الدول الغربية، ومانتج عن هذه الظاهرة من سباق بين الوسائل الاعلامية التي تمتلكها هذه الاحتكارات لزيادة معدلات التوزيع والمشاهدة بالتركيز على المواد التافهة والخفيفة التي تتمثل في الرياضة والجنس والفضائح فقد بدأ البحث في الدول الغربية عن نظام جديد للصحافة.
    وبعد ان سادت لفترة طويلة من الزمن في الغرب رؤية ترى ان الالتزام الوحيد بالنسبة للصحافة هو الالتزام بحرية الصحافة وان الدستور الامريكي يحمي الصحافة من الخضوع لاي تنظيم حتى لو كان تنظيما ذاتياً.. فقد ادت التطورات في مجال الاعلام الى ظهور رؤية اخرى ترى ان حرية الصحافة ليست حقا طبيعيا لكنها امتياز منح على اساس ان تشكل فائدة للمجتمع، ولذلك فان هذه الحرية لايمكن ان تستمر الا اذا كانت حرية مسؤولة Accountable Freedom.
    كما ظهرت رؤية اخرى تقوم على ان هناك عقد اجتماعي غير مكتوب بين كل مهنة والمجتمع، فالمجتمع يحمي اصحاب هذه المهنة في عملهم في مقابل ان لايسببوا ضررا للمجتمع، ومن اهم هذه المهن الصحافة.
    ولذلك فانه ولكي يستمر المجتمع في حماية حرية الاعلام فان وسائل الاعلام لابد ان تقوم بدور لصالح المجتمع، وان يتم العمل على تقليل الضرر الذي يمكن ان يلحق بالمتجتمع نتيجة ممارسة الاعلام الى ادنى حد ممكن.
    لذلك فانه  لكي تحصل وسائل الاعلام على مساندة شعبية تمكنها من الاستمرار والاستمتاع بالحرية فانها لابد ان تتوصل الى تصور جديد لوظيفتها في المجتمع.

    س19: لجنة هوتشنز، ماذا قدمت؟ وماذا شخصت؟
    اللجنة الامريكية لحرية الصحافة 1947 عبرت عن ان السوق الحرة قد فشلت في تحقيق الوعد بحرية الصحافة، وان التطورات التكنولوجية والتجارية قد ادت الى تقليل فرص الافراد والجماعات المتنوعة في الدخول الى السوق والتمتع بحق النشر، كما ادت الى هبوط معايير اداء الصحافة والى فشل في تلبية احتياجات المجتمع الاخلاقية والاجتماعية، بالاضافة الى تناقص قدرات الصحافة على امداد المجتمع بالمعلومات.

    س20: لخص اهم مباديء نظرية المسؤولة الاجتماعية لوسائل الاعلام كما حددها ماكويل؟

  1. ان الصحافة ووسائل الاعلام الاخرى يجب ان تقبل وان تنفذ التزامات معينة للمجتمع.
  2. ان هذه الالتزامات يمكن تنفيذها من خلال الالتزام بالمعايير المهنية لنقل المعلومات مثل الحقيقة والدقة والموضوعية والتوازن.
  3. لتنفيذ هذه الالتزامات يجب ان تنظم الصحافة نفسها بشكل ذاتي.
  4. ان الصحافة يجب ان تتجنب نشر مايمكن ان يؤدي الى الجريمة والعنف والفوضى الاجتماعية او توجيه أية اهانات الى الاقليات.
  5. ان الصحافة يجب ان تكون متعددة وتعكس تنوع الاراء وتلتزم بحق الرد.
  6. ان للمجتمع حقا على الصحافة هو ان تلتزم بمعايير رفيعة في ادائها اوظائفها.
  7. ان التدخل العام يمكن ان يكون مبررا لتحقيق المصلحة العامة.
    س21: ما الحلول التي قدمتها نظرية المسؤولية الاجتماعية لوسائل الاعلام لمسألة اخلاقيات الاعلام؟

  1. انشاء مجالس للصحافة تكون مهمتها المحافظة على حرية الصحافة، والمحافظة على ارفع المعايير المهنية للصحافة، وبحث شكاوى الجمهور ضد الصحف.

  2. اصدار مواثيق اخلاقية مهنية، يقوم الصحفيون انفسهم باصدارها عبر منظماتهم المهنية مثل النقابات والاتحادات التجارية، او من خلال مجالس الصحافة.

  3. ان تقوم الوسائل الاعلامية نفسها باصدار مواثيق اخلاقية.

  4. نظام الامبودسمان: وهو جهاز يراسه شخص يتمتع بفهم دقيق لاخلاقيات الصحافة والقضايا المتعلقة بها ويعمل على التوصل الى حل لاي نزاع بين المواطن والصحيفة وينقسم الى نوعين: الامبودسمان العام والامبودسمان الخاص.

  5. النقاد الداخليون: بمعنى ان تقوم الوسائل الاعلامية نفسها بتعيين نقاد داخليين يقومون بنقد وتقييم ماتقدمه الى الجمهور من مضمون.

  6. النقد الخارجي: يتمثل في انشاء مجلات وصحف تتخصص في نقد مضمون وسائل الاعلام، ويعتبر بلاك وباريانت ان وظيفة نقد الصحف وتنمية وسائل هذا النقد من اهم اركان نظرية المسؤولية الاجتماعية للاعلام. يضاف الى ذلك البرامج التلفزيونية والاذاعية والصفحات المتخصصة في الصحف لنقد وسائل الاعلام.

  7. استطلاعات الراي: ان من اهم الوسائل لتحسين جودة المضمون الذي تقدمه وسائل الاعلام هو معرفة اراء الجمهور في ماتقدمه هذه الوسائل عبر استطلاعات الراي العام.

  8. تطوير التواصل بين الاعلاميين والجمهور من خلال تعيين ممثلين للقراء في مجالس تحرير الصحف وتعيين ممثلين للمستمعين والمشاهدين في مجالس تحديد سياسات محطات الاذاعة والتلفزيون.

  9. تشجيع البحث العلمي في مجال الاعلام وان تكون غير تجارية يقوم باجرائها اكاديميون حول ادراك المواطنين للرسائل الاعلامية وتقييم مضمون وسائل الاعلام وتشجيع المهنيين والخبراء على تاليف الكتب حول ذلك.

  10. التعليم والتدريب: من خلال زيادة معرفة الاعلاميين ووعيهم وتحسين قدراتهم المهنية لضمان التزامهم بالمعايير المهنية وتحسين نوعية ماتقدمه الوسائل الاعلامية.

  11. ان تلتزم الصحف بنشر التصحيحات في مكان بارز.

  12. الالتزام بنشر الاراء المؤيدة والمعارضة في كل القضايا العامة.

  13. نشر خطابات المواطنين الى المحرر والتوسع في صفحات منابر الراي.

    س22: لخص المباديء الاساسية لنظرية الاعلام التنموي طبقا لدينيس ماكويل؟

  1. ان وسائل الاعلام يجب ان تقبل وان تنفذ دورا ايجابيا في انجاز اهداف التنمية طبقا للخطوط التي تحددها السياسة القومية.
  2. ان حرية الاعلام يمكن ان يتم فرض قيود عليها طبقا للاولويات الاقتصادية والاحتياجات التنموية للمجتمع.
  3. ان وسائل الاعلام يجب ان تعطى الاولوية في مضمونها للغة والثقافة القومية.
  4. ان وسائل الاعلام يجب ان تعطى الاولوية لاخبار الدول النامية القريبة سياسيا او ثقافيا او جغرافيا.
  5. ان الدول لها الحق في التدخل في شؤون وسائل الاعلام، وتقييدها وفرض الرقابة عليها، وتقديم اعانات لها، والسيطرة عليها من اجل تحقيق اهداف التنمية.

    س23: قيم الممارسات العملية للدول النامية في تطبيق نظرية الاعلام التنموي؟
    لقد كانت ممارسات الانظمة في الدول النامية عقب الاستقلال تقوم على الخلط والتلفيق، مع الارتكاز بشكل اساسي على تلك القوانين الموروثة من الحقبة الاستعمارية، ومعظم هذه القوانين مشتق من نظرية السلطة.

    والسمة الاساسية للتجارب الاعلامية في الدول النامية هي قيام السلطة بتقييد حرية الصحافة وتكريس تبعية الصحافة للسلطة، وفي اطار هذه العملية تزايدت حدة تبعية وسائل الاعلام للنظام الاعلامي الدولي.

    لقد ادت ممارسات الانظمة الحاكمة في الدول النامية ورغبتها في التحكم والسيطرة على وسائل الاعلام باسم التنمية الى اعاقة البحث عن نظرية جديدة ومستقلة للاعلام في هذه الدول، فالخلط والتلفيق لايمكن ان يؤدي الى الوصول الى نظرية مستقلة، بل ان هذه النظرية لايمكن ان تاتي الا من خلال دراسات جادة ومناقشة حرة تستهدف تشخيص المشكلات التي تواجه هذه الدول، وطرح الحلول لها، وهو مايمكن تن يشكل نظرية جديدة ومستقلة.

    ان الملمح الاساسي الذي يحكم النظم الاعلامية في الدول النامية او دول الجنوب هو التبعية للسلطة والتبعية للنظام الاعلامي العالمي الذي تسيطر عليه دول الشمال الغنية. ولابد ان تستهدف اية نظرية جديدة مستقلة للاعلام في هذه الدول كسر هذين النوعين من التبعية، هذا هو التحدي الذي يجب ان يواجهه الباحثون في مجال الاعلام والاعلاميون في الدول النامية بشجاعة.

    من الواضح ان الاوضاع الاعلامية في دول الجنوب لم توفر مناخا يمكن ان تنمو فيه اخلاقيات الاعلام وتتطور، بل ان هذه الاوضاع قد ادت الى نمو الكثير من المشكلات ذات الطبيعة الاخلاقية والتي استغلتها السلطات في الكثير من الاحيان كمبررات لفرض المزيد من القيود على حرية الاعلام، ولتبرير استمرارية سيطرتها على هذه الوسائل.

    وفي بعض الاحيان ادى عدم التضامن المهني بين الصحفيين الى عدم قدرتهم على تطوير مباديء اخلاقية يمكن ان تربطهم بالجماهير، وتكسب المساندة الشعبية لقضية حرية الاعلام، بالرغم من انه كان يمكن الاعتماد على ترك الصحافة في مرحلة الكفاح الوطني خاصة في بعض الدول مثل مصر والجزائر للحصول على المساندة الشعبية لقضية حرية الاعلام.

    يضاف الى ذلك ان هناك تراثاً ثقافياً وحضارياً في هذه الدول خاصة الوطن العربي، كان يمكن ان يساهم في تشكيل نظرية جديدة لاخلاقيات الاعلام، وبناء منظومة اخلاقية لهذه الوسائل تربط بينها وبين المجتمع والجماهير، وهو مايؤدي الى زيادة فعالية الدور الذي يمكن ان تقوم به وسائل الاعلام في خدمة القضايا المجتمعية، ومن اهمها حماية الاستقلال الوطني والتحرر من الاستعمار وتحقيق التنمية.
    لكن معظم هذه الدول ظلت تفضل السيطرة السلطوية المباشرة على وسائل الاعلام، وتحويل الصحفيين الى موظفين، وهو ما اعاق نمو صناعة الاعلام والمعلومات في هذه الدول، وتناقض القدرات المهنية للاعلاميين وبالتالي زيادة التبعية الاعلامية للنظام الاعلامي الدولي.

    س24: ما المطلوب من الدول النامية ان تعمله للتخلص من التبعية الاعلامية للنظام الراسمالي؟

    لذلك فان هذه الدول لابد ان تبدأ مرحلة جديدة من الكفاح ضد التبعية الاعلامية للنظام الاعلامي الدولي، وذلك:

  • بالعمل على تنمية صناعاتها الاعلامية والمعلوماتية.
  • وفتح كل الابواب لتطوير هذه الصناعات.
  • وتطوير القدرات المهنية للاعلاميين.
  • وفي اطار ذلك فان تطوير اخلاقيات الاعلام يصبح ضرورة، حيث يمكن ان يساهم هذا التطوير في صياغة تصور جديد لدور وسائل الاعلام ووظيفتها في المجتمع، يجعل الاعلاميين يقومون بدورهم ووظيفتهم اقتناعاً منهم باهمية هذا الدور، وان هذا الدور الذي يقومون به هو الذي يوفر لهم احترام المجتمع.
  • بالاضافة الى ان الاعلاميين يمكن ان يقوموا بتحسين جودة ونوعية المضمون الذي يقدمونه الى الجمهور اذا ما تم التوصل الى صياغة منظومة اخلاقية اعلامية مستقلة وثم تدريب الاعلاميين عليها.

    س25: تعد نظرية "المشاركة الديمقراطية" احدث اضافة لنظريات وسائل الاعلام، لخص اهم عناصرها طبقاً لدينيس ماكويل؟

    تعتبر هذه النظرية احدث اضافة لنظريات وسائل الاعلام ومعظم افكارها موجودة في النظريات الاخرى، ومثل معظم النظريات فقد نشأت كرد فعل ضد النظريات الاخرى، وكحركة ايجابية نحو اشكال جديدة من مؤسسات وسائل الاعلام والمنبه الاساسي لهذه النظرية جاء كرد فعل للطابع التجاري والاتجاه الى الاحتكار في وسائل الاعلام.

    عناصرها:


  1. ان المواطنين والافراد وجماعات الاقلية لهم الحق في الاتصال عبر وسائل الاعلام والحق في ان تقوم وسائل الاعلام بتلبية احتياجاتهم المعرفية والثقافية.
  2. ان تنظيم وسائل الاعلام، وماتقدمه من مضمون يجب ان لايخضع لاية سيطرة سياسية او بيروقراطية من جانب الدولة.
  3. ان الجماعات والمنظمات والمجتمعات المحلية يجب ان يكون لها وسائل اعلامها الخاصة.
  4. ان افضل اشكال الاعلام هي وسائل الاعلام الصغيرة التي يمكن من خلالها تحقيق التفاعل والمشاركة السياسية.

    س26: قيم الواقع الحالي لنظرية المشاركة الديمقراطية؟
    من الواضح ان هذه مازالت افكار مطروحة، ولم تطبق بعد، وهي يمكن ان تشكل اساسا لنظام اعلامي اذا ما تم تطويرها، والفكرة المحورية في هذه النظرية هي ضرورة تشجيع الصحف ووسائل الاعلام الصغيرة المعبرة عن الاقليات والاتجاهات السياسية التي لاتتمتع بالقدرة على الاتصال من خلال وسائل الاعلام الكبيرة، هذا بالاضافة الى الزام وسائل الاعلام الكبيرة في المجتمع بتوفير مساحة مناسبة لعرض اراء الاقليات والاتجاهات السياسية المختلفة.

    ومن الواضح ايضا ان هذه النظرية يمكن ان تفتح الابواب لتطوير مجموعة من المباديء الاخلاقية الاعلامية، من خلال وسائل الاعلام الصغيرة، ذلك ان مثل هذه الوسائل يمكن ان تكون اكثر حرصاً على علاقاتها بالجمهور، واكثر حساسية للمشكلات الاخلاقية، بالاضافة الى ان وسائل الاعلام الصغيرة يمكن ان تؤدي الى تزايد المشاركة الجماهيرية في العملية الاعلامية.




    Najm Al-Eessawi