Monday, July 18, 2016

الاعلام والعلاقات العامة



يعدّ الإعلام إحدى أدوات تحقيق برامج العلاقات العامة، ويعرف بأنه: ((تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التى تساعدهم على تكوين رأى صائب في واقعة من الوقائع او مشكلة من المشكلات, بحيث يعبرهذا الرأى تعبيراً موضوعياً عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم)).(حمزة، 1958، 75) ولكي ندرك حجم تاثير الاعلام في المجتمعات الغربية يكفي ان ننظر إلى حجم الإنفاق المالي الهائل الذي يوجه سنوياً في الإنتاج الإعلامي علي المستوي العالمي.. مثلا" فان دخل فيلم مثل "جوراسك بارك" أو " تيتانك" قد بلغ أكثر من مليار دولار، وأن جريدة مثل "نيويورك تايمز" توزع أكثر من ثلاثة ملايين نسخة يومياً، في حين توزع مجلة " تايم" أكثر من 7 ملايين نسخة أسبوعياً. وأن عدد مشاهدي "السوبر بول" على محطاتِ ABC  أو CBS أو NBC  يزيد على 15 مليون شخص"  ( On Line [ Available at: http://www.alhodaif.com/rtcl_stry.php?wrtng_id=62.)

 ومن جانب اخر فان الاعلام وان كان في معظمة لايترتب عليه ارباح بصورة مباشرة الا انه في النهاية يلوي اعناق المستثمرين والمصلحيين لكسب ود الاعلام وتعليب الصور الذهنية عن المنظمات والدول والاحزاب والاشخاص ليلقي بها في الفضاء العالمي الجديد الذي يتلقف تلك الصور فيبني عليها سلوكه واتجاهه.

وهناك مايسمى بتكرار الخبر والصورة ويتحقق من ذلك فعلا صورة معينة عن الاشياء والاشخاص والدول، لكن تبقى اللعبة لعبة الاعلام والمال، فرب خبر مفاده ظلم وقع على شعب، يقوم الاعلام المضاد بتزييفه بطريقة تقنع جمهور المظلومين، بالاضافة الى وجود التزييف فهناك الحول الاعلامي والتضليل والمبالغة والاعلام الموظف لا المحترف، والتركيز على جزئيات الى جانب ترك الكليات والتي منها القضايا والمباديء.

ولايمكن لوسائل الاعلام ان تحدث التاثير الكبير والسريع الا من خلال فهم وادراك ودرساة البيئة المستهدفة، فما يصلح في بيئة غربية لايصلح في بيئة شرقية، او مايلائم ظرف الاستقرار لايلائم ظرف الازمات، وما يكون في دائرة عمل ما هو غير مايكون في دائرة عمل اخرى وهكذا.

وغالبا ما يبالغ الاعلام في رسم صورة الواقع وان كان هو يشكلها من صور واقعية فعلية، طبعا مع قدرة وسائل الاعلام على خلق صورة غير موجودة اصلا، (.. كما من الممكن حصول اختلاف كبير جدا بين الواقع الذي تكونه وسائل الإعلام وبين الواقع الحقيقي) (أبو اصبع، 1995، 84)

وأشار (( ايتيال دي سولايول))  الى ان الدراسات المتتابعة لوسائل الاعلام أظهرت إن لهذه الوسائل تأثيرات طفيفة على المواقف والافعال، ولكنها أي وسائل الإعلام، تملك تأثيرات عظيمة على عملية تكوين الصورة). (الهيتي، 1996، 18)

ان وسائل الاعلام كثيراً ما تلجأ إلى اختيار بعض الأحداث لوضعها بين قوائم الاخبار ليس لاهميتها كأخبار، بل بقصد عرض وترويج وجهات نظر وعواطف بعينها، ويؤدي ذلك الى انقياد الرأي العام لكثير من الطروحات الفكرية.(راني، 1986، 30-31)

من هذا يتاكد لنا ان الاعلام يعمل على صنع الصور الذهنية عن المؤسسات والاشخاص بطريقة انتقائية من خلال انتقائية الأخبار والمعلومات والأحداث تارة، ومن خلال تلوين حقائق معينة وابرازها واخفاء حقائق اخرى للتاثير على الراي العام وخلق تصورات واتجاهات وسلوكيات تبعاً لهدف الوسيلة الاعلامية في رسم الصورة الذهنية عن الاشياء.

 ومن الامثلة العملية على اساليب الوسائل الاعلامية في تشكيل الصور الايجابية والسلبية:

  • نشرت مجلة ((ناشيونال جيوغرافيك)) الأمريكية – المتخصصة بالجغرافية- بعد سيطرة اليهود الصهاينة عليها في أحد أعدادها الصادرة عام 1915، خريطة للعالم مع جدول توضيحي لها، ووضعت بجانب كلمة فلسطين على الخريطة والجدول، كلمتي ((أرض إسرائيل))، وكانت هذه المجلة تصر دائماً على استعمال الاسماء الصهيونية في أي موضوع يتعلق بفلسطين، ومنها: ((ارض اسرائيل – ارض العهد القديم –ارض الميعاد)) (الرفاعي، 2004، 25-26)
  • قيام السلطات في المملكة العربية السعودية في عام 1977 بتنفيذ حكم الاعدام بشابة سعودية ارادت ان تهرب مع شاب بريطاني الى الخارج، ونشر الاعلام الغربي هذه الحادثة بإسهاب، ثم قام منتج يهودي بتحويله الى فلم سينمائي عرض في معظم الدول الغربية في عام 1980، ولقد غذى هذا الفيلم الصورة النمطية السلبية الموجودة عن العرب في الغرب) (الحمداني، 2001، 54)
  • وفي احد الاعلانات التلفزيونية التي عرضت في الولايات المتحدة الامريكية، اعلان عن احد انواع  الصابون، ويبدأ الإعلان بصوت المذيع يؤكد ان صابون ((....)) ينظف اي شئ ... حتى العربي! ويعرض هذا الاعلان شخصاً يرتدي الزي العربي المميز، والأوساخ والقاذورات تملأ وجهه وملابسه، وفتاة تحاول تنظيفه بهذا الصابون ثم تخرجه   بحالته الأولى نفسها، (وفي هذه  اللحظات يدخل شاب بيده ورقة تفتحها الفتاة وتقرؤها بحماس: سيداتي  سادتي ... جاءنا الان من مختبرات ((...)) أن صابون (( ...)) في قمة الفاعلية، وان العيب في عدم نظافة العربي، ليس بسبب قلة فاعلية صابون  ((...))، ولكن العربي لايمكن ان يصبح نظيفا ً ابدا ً .... وبهذا ينتهي الإعلان الوقح الخبيث) (الرفاعي، 2004، ص 63-64) .
      والامثلة كثيرة..

    وان (إعلانات الصورة الذهنية تستخدم أساسا ً لتقديم الشركة او المؤسسة الى الجماهير كمواطن صالح يعطي المجتمع بقدرما يأخذ منه، ويقدم له بقدر مايتوقع منه) ، (عجوة، 2008 ، 192) مثلا:
    - قامت شركة صناعية مكسيكية -أسهمت في تقديم المساعدات في اثناء زالزال مكسيكو الشهير- بنشر إعلان في الصحف الرئيسة وبصفحتين اسماء كل مستخدميها الذين اسهموا في تقديم المساعدات للضحايا ، وبالتالي فقد أصبحت المؤسسات – وكذلك الافراد- تتعرض لجهد اعلامي كبير حتمي من قبل الوسائل الاعلامية لكثافة الوسائل الاعلامية وانفتاح العالم والتقدم الاتصالي الهائل الذي يشهده العالم اليوم، تستهدف اغلب هذه الوسائل التحكم في صورة المؤسسات والافراد جمهورها لاغراض مختلفة، (واتضح إن 70 % من الصور التي يبنيها الفرد لعالمه مستمدة من وسائل الإعلام المختلفة، وتختلف هذه النسبة باختلاف تقدم الدول تكنولوجـياً فإن ما يقرب من 95 % من الأمريكيين يحصلون على معلوماتهم من وسائل الإعلام. (طاش، 1989، 20)
    كما أن المؤسسات او الافراد لايملكون المقدرة على تحليل وفهم كل الرسائل الاعلامية وخصوصا الرسائل الاعلامية غير المباشرة التي تبث ليلا ونهارا مستهدفة اعادة تشكيل الصور الذهنية عن المؤسسات والافراد سلبا او ايجابا. ومع وجود هيمنة غربية في ظل النظام العالمي الجديد تبقى وسائل الاعلام قيد الاحتكار الغربي من خلال السيطرة على شبكة الانترنت والمعلومات وتوظيفها في مصالحها الاقتصادية، والسياسية وتدعيم منهجها التوسعي والعولمي.
    -------------
    المراجع

  • ابو اصبع، صالح خليل(1995). الاتصال والاعلام في المجتمعات  المعاصرة. عمان: دار ارام للدراسات والنشر.
  • الحمداني، ريا  قحطان(2001). صورة الولايات المتحدة الامريكية في الصحافة  العراقية. (رسالة ماجستير  غير منشورة). جامعة  بغداد، كلية الاداب، قسم الاعلام.
  • حمزة، عبداللطيف(1958). الاعلام والدعاية. ط2. القاهرة: دار الفكر العربي.
  • راني، اوستن(1986). قنوات السلطة وتأثير التلفزيون في السياسة الامريكية. ترجمة  موسى جعفر. بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة.
  • الرفاعي، فؤاد بن سيد عبد الرحمن(2004). النفوذ اليهودي في الاجهزة الاعلامية والمؤسسات  الدولية. ط1. الكويت: دار التنوير الإسلامي.
  • طاش، عبد القادر(1989). الصورة النمطية للإسلام والعرب في مرآة الإعلام الغربي. الرياض: شركة الدائرة.
  • عجوة، علي(2008). الأسس العلمية  للعلاقات العامة. القاهرة: عالم الكتب.
  • الهيتي، هادي نعمان(1996). الفضائيات الوافدة واحتمالات تأثيرها السياسي في الوطن العربي. مجلة افاق عربية، تشرين الثاني -  كانون الاول / السنة الحادية والعشرين.

No comments:

Post a Comment